أفراح غزة
بقلم : د . محمود عوض

09:44 23.07.02

   بين ضحايا مجزرة غزة "قتيل" لم يتم التعرف عليه .. هو قتيل تمزق أشلاءا مبعثرة لكن الغريب أنه ما زال ينطق ويتنفس .. هذا القتيل إسمه بالكامل "اسرائيل"
الجسد من هذا القتيل ينتفخ حتى ليظن بعض من أهله أنه في صحة جيدة لكن هذا الجسد لفظ أنفاس روحه الأخيرة في غزة .. في المجزرة الأخيره
الفلسطينيون كانوا السباقين الذين إكتشفوا أن "اسرائيل" جسد دون روح لكن العالم لم يصدقهم وأخيرا بدأ في شم رائحة كريهة لهذا الجسد المتعفن .. رائحة التعفن في الجسد "الإسرائيلي" عبرت رحلة طويلة من بين محطاتها كانت دير ياسين وكفر قاسم وقانا وبحر البقر وجنين وأخيرا غزة .
لو كنت "إسرائيليا" لبكيت هذا اليوم أشد البكاء فطائرات الأباتشي لم تدمر اليوم شيئا سوى "اسرائيل" .. قتلت عددا من الفلسطينيين .. جرحت مئات إنما كانت الجثث "الإسرائيليه" لا تعد ولا تحصى ..
لقد حفرت الأباتشي قبر "أمل اسرائيل بسلام مع العرب للأبد" فحتى شعوب الأنظمة العربيه التي صالحتها سيكونون الأكثر عداءا لها .
. لقد أعلنت "اسرائيل" نفسها بنفسها وفاة مزاعمها بأنها "دولة" لشعب مستنير
لقد فتحت "اسرائيل" الآن الباب على مصراعيه لتراكم المطالبات الدوليه بمحاكمة "قادتها" كمجرمي حرب
لقد أعطت بنفسها الشرعية للعمليات الإستشهادية فعبر دفاعها بأنها كانت تطارد أحد قادة حماس فسقط جراء ذلك من سقط فبإمكان حماس وغيرها أن تبرر أية عملية إستشهادية قادمة عبر مقولة أنها كانت موجهة لجندي أوضابط فوقع جراء ذلك قتلى في صفوف المدنيين "الإسرائيليين" .
الأكثر مأساة لإسرائيل أنها "تجد نفسها في مأزق دفن جثتها التي تعفنت في شوارع غزة" .. سابقا كانت تدفن جثثها في جنح الظلام .. ظلام الرأي العام العالمي لكنها اليوم ترى العالم محتشدا حول جثتها في غزة فعورتها مكشوفة تحت الشمس ولا أحد سيمد يدا لسترها
هذا هو الموسم الأكثر خصبا في فضح "اسرائيل" .. فاوروبا التي كان بعض من الرأي العام فيها يخاف ويتحرج من توجيه الإتهام لها ستجد نفسها أكبر ساحة يتحشد فيها الكارهون "لإسرائيل" ..
مجزرة غزة تعطي الحدس "الإسرائيلي" القائل بأن العالم كله ضدنا بعدا واقعيا .. ذلك أن العالم كله اليوم سيكون ضدها .. حتى ولو أيدها بوش واعتبر ما قارفته بأنه دفاع عن النفس فهو بموقفه هذا يكون أكثر أعدائها خبثا .. يدفعها إلى المستنقع وهو يصفق ويهلل ..
نحن كفلسطينيين بقدر ما هو جرحنا مؤلم في غزة علينا أن نتذكر بأننا لم نمت بعد كفر قاسم أو دير ياسين أو قبيه أو جنين .. إلخ
ما تبقى بعد كل مجزرة "اسرائيليه" هو مناديل دموعنا وتصلب عروقنا .. نزداد تشبثا في البقاء وتتجدد فينا روح العطاء ..
أتذكرون لقد رقصوا فرحا يوم إغتالوا المهندس يحيى عياش .. يومها بشرهم رابين في مؤتمر صحفي أنه قطع دابر "الإرهاب" .. ولكن ماذا كانت النتيجه بعد جنين أحضروا جنود المجزرة ليعلقوا على صدورهم أوسمة البطولة لذبح أطفال ونساء .. فماذا كانت النتيجه ؟؟
واليوم ماذا ستكون النتيجه .. علينا أن نفرح .. وأن نزغرد .. فلو لم نكن خطرا يتهددهم لما وقعت مذبحة غزة
في شوارع الضفة الغربيه يبصق أطفال فلسطين على دباباتهم .. وفي وجوه ضباطهم .. أليس إذن أطفال فلسطين ينخرطون في المقاومة لذا يكون مشروعا قصفهم بالأباتشي والفانتوم ..
أعجب الآن لأبواق دعايتهم ... كيف سيخرجون مسرحية (لفلفة المذبحه)
حبذا لو يستفيدون من التقرير لإحدى الجامعات الأمريكيه الذي ذكر أن 50% من أطفال فلسطين يعانون من فقر في الدم ..
بإمكانهم الإتكاء على هذه الحقيقة والقول للعالم أنهم قتلوا أطفال غزة من باب الرحمة بهم لتخليصهم من معاناة الفقر ومنه فقر الدم ..
لقد قالوا ما هو أبشع في محاكمهم .. إثناء محاكمة مستوطن بقتل إمرأة عجوز قالت المدعيه "الإسرائيليه" .. واجب زوجها أن يشكر المستوطن لأنه وفر على الزوج نفقات إعالة زوجته العجوز حدث هذا .. ويحدث اليوم في غزة .. وقد يحدث غدا في أماكن أخرى .. لكن المجزرة الحقيقية المتصلة والمتواصلة هي ذبح "الإسرائيلي" لنفسه .

الدكتور محمود عوض مع التحيات