عبد الله الثاني أم الأخير
بقلم : د . محمود عوض

12:10 29.07.02

    تماما كما يتربع تلميذ وهو شابك اليدين أمام أستاذه هكذا يفعل الملك عبد الله الثاني بين يدي بوش .. هكذا رأيناه في زياراته السابقه للبيت الأبيض وهكذا بالتأكيد سنراه في الزيارة القادمه .
ليس مهما ما تجسدُهُ جلسة الخنوع هذه فمعروف أن الملك الأردني يرى في مثل هذه الزيارات أكبر من حجمه ((وزياده عليه)) فهو كان لا يصدق نفسه حتى حين يقود بنفسه السيارة التي تقل وزير الخارجيه كولن باول من وإلى المطار .
الملك عبد الله الثاني حين يهرول نازلا درجات القصر ليأخذ وزيرا لخارجية أمريكا بالأحضان هو حقيقة يتمنى لو أن يبوس يده كما يتمنى لو أن يبوس قدم بوش ومعه أقدام السادة النجب في لندن وتل أبيب .. وهذا حقيقة أقل الواجب ذلك أن العرش الهاشمي لم يكن ليقوم ويستمر ويبقى دون أيادي وأقدام هؤلاء السادة .
الغريب هو ما الذي يريده بوش من هذا التكرار الممل للقاء الملك الأردني فبعد أيام يلتقي الملك عبد الله الثاني بالرئيس بوش للمرة الخامسه وبذا يكون المرشح لدخول موسوعة جينس للأرقام القياسيه كصاحب أكبر رقم في عدد المرات التي جلس فيها داخل البيت الأبيض إلى جانب الرئيس الأمريكي .
حقيقة مثل هذا الأمر يدعو للريبه إلى أبعد الحدود ...
الرئيس بوش ليس بحاجة للإستماع لرأي الملك في قضايا المنطقه فلديه من الخبراء من يؤدون المهمة خير أداء والرئيس بوش ليس بحاجة لإنتزاع موافقة الملك عبد الله على أية خطة أومخطط فهو ((في الجيب الأمريكيه الصغيرة)) ودوره لا يتجاوز أن يردد أمام بوش عبارة ((أمرك ... سيدي))
فما الحكاية إذن ؟؟
وهل أن بوش يستدعيه للزيارة أم أن مثل هذه الزيارات تفرض على بوش من طرف ثالث ؟؟ ومن هنالك من يستطيع فرض أمر على بوش غير اللوبي الصهيوني ؟؟
الرئيس بوش يعرف خير المعرفه الموجز المفيد لسيرة هذا الملك عبر تلك العباره التي قالها له رئيس وزراء اسرائيل إهود باراك في شرم الشيخ وكانت بالحرف الواحد ((أنت ملك على حثالة من البدو الرخاص)) .
بوش يدرك أيضا أن الملك عبدالله الثاني كما يقول تقرير سيرته الذاتيه أمام بوش أن أكثر ما يشغله هو ليس موائد المفاوضات وإنما موائد القمار .. فليس في عمان مواطن أردني إلا ويسمع كم ربح أو خسر كل ليلة على المائدة الخضراء .. بل يقال ضمن آخر ما يقال أنه باع بناية المخابرات السابق لثري فلسطيني وأضاع الثمن على خضراء الدمن .
بوش يعرف ذلك وأكثر منه .. فما السر إذن في إحاطة ملك مدمن مقامر وفاسد بهذه الهالة من تكريمه واستقباله والتقاط الصور معه ؟
هل لأجل إجراء عملية تجميل له ؟ ولكن ماذا ستفعل الماشطه في الوجه البشع ؟؟ فشعبه يأخذ عليه حتى إغترابه اللغوي فهو لا يتقن النطق الصحيح لجملة واحدة باللغة العربيه ؟؟
فماذا إذن وراء الأكمه ؟؟
يقولون أنه لطبخه حتى يشارك في ضرب العراق ؟؟
الرجل مطبوخ ((ومستوي للآخر)) ليشارك حتى في ضرب الكعبه !!
يبقى السؤال هو نفسه ؟؟ ماذا هنالك من مهمة يتردد الملك عبد الله في أدائها خوفا من أن يعصف به الداخل الأردني ..
بعض الخبراء يقولون أن هذه المهمة تستدعي أن يفوض جيش الدفاع الإسرائيلي .. قوات الملك لخوض معركة بالنيابة عنه ضد المقاومة وضد الشعب الفلسطيني ..
شارون عبر التواجد الأردني في الضفة الغربيه سيوفر أرواح جنوده ويترك المقاومة الفلسطينيه في حالة إشتباك مع ((النشامى)) على طريقة فخار يكسر بعضه
لأداء مثل هذه المهمة يتم إستدراج الملك عبد الله الثاني خطوة خطوة .. فهو بحاجة لتغطية امريكيه تجاه العرب وبحاجة لتسويق نفسه عبر الأمريكان بأنه ( البديل لعرفات ) وبأنه سيجلب للفلسطينيين اللبن والعسل
ما يخشاه الملك ومعه كبار مرتزقته هو أن شعب فلسطين ليس نفسه شعب ما قبل عام 1967 .. فهذا الشعب نسي عبارة (أمرك .. سيدي)
الخوف هو أنه إذا دخل النشامى بالنيابة عن جيش الدفاع أن يعاملهم الفلسطينيون ذات المعاملة .. بأنهم ( محتلون وبل أسوأ )
الأمر حقيقة يحمل علامة إستفهام كبيرة وهي هل يعمل بوش على تكريم عبد الله الثاني أم ليصبح إسمه عبد الله الأخير ..؟؟
وهل يكون عبد الله الثاني هو البديل عن عرفات أم يصبح عرفات هو البديل عن عبد الله الثاني ... تلك هي المسألة ....

الدكتور محمود عوض مع التحيات