فتح والسلطة وسياسة "دوخيني يا لمونة"
بقلم : د. إبراهيم حمامي *

د. إبراهيم حمامي

بعد حديث مطول مع أحد ضباط التوجيه المعنوي في ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية وبعد لف ودوران ولعب سياسة "دوخيني يا لمونة" سألني البعض ماذا يقصد بكلامه ومن تمثل زمرة أوسلو؟ منظمة التحرير، السلطة أم حركة فتح وازدادت حيرتهم عندما طرحوا عليه السؤال فكان الجواب: السلطة هي "أحد" مشاريع منظمة التحرير القابل للنجاح أو الفشل و"فتح" هي بمثابة الحزب الحاكم وصمام الأمان في وجه المعارضين للسلطة ومنظمة التحرير هي أساس الجميع وأن الثلاثة ليسوا واحدا ولكن في نفس الوقت لهم قيادة واحدة!! من هنا كان "الخلط المقصود"، هذا الخلط الذي تستغله زمرة أوسلو أحسن إستغلال وتجد فيه المهرب والملاذ لكل فشلها وسقوطها فإن فشلت السلطة أو نفيت فمنظمة التحرير باقية وإن سببت قرارات المنظمة إحراجا دوليا نؤكد على أن السلطة تحت قيادة القائد الرمز عرفات هي صاحبة القرار! وبين هذا وذاك تقحم حركة فتح عند الحاجة!

هذا الخلط أدى إلى حالة من الجمود المقصود وتعطيل لكل مؤسسات منظمة التحرير وحركة فتح وإصابتها بحالة من الشلل الرعاش كما هو حال الرئيس الرمز. الأمر الطريف المحزن أن بعض المناصب أصبح يتنازعها أكثر من شخص (في إطار سياسة فرق تسد) فلله الحمد لدينا وزيرا للخارجية (قدومي عن منظمة التحرير) ووزيرا للشؤون الخارجية (شعث عن السلطة) وبين هذا وذاك يا "قلبي لاتحزن".

لا يتوقف الأمر على الجدال والتنظير والخلط المقصود بل تعداه الى الزج بحركة فتح في متاهات ليس لها آخر والصدام مع الآخرين كواجهة تنفيذ بيد سلطة أوسلو، (وما حادثة مقتل أبو لحية الشهيرة (وهو المسؤول عن مقتل مجموعة من المتظاهرين في قطاع غزة) وما أصدرته فتح من بيانات وتهديدات وتلويح بإستخدام القوة لحماية "هيبة السلطة" ورموزها الفاسدة بغباء وإنقياد منقطع النظير إلا واحدة من سلسلة السقطات التي نمر بها.

أول ضحايا هذا الخلط المقصود هو حركة فتح نفسها والشرخ الكبير بين القيادات البالية والقيادات الشابة صار من الصعب توريته فتاريخ فتح النضالي على مدار السنين يأبى عليها أن تبقى ورقة وألعوبة بيد عرفات ومن معه والذين لا هم لهم إلا تغليب مصالحهم والبقاء في مناصبهم حتى وإن كان ذلك القضاء على الجميع بمن فيهم حركة فتح، وهو ما صرح به عرفات لصحيفة هآرتز أخيرا بشكل لا لبس فيه عندما هدد بضرب كل من يخرج عن قانونه حتى لو كانت فتح نفسها.

المطلوب منا جميعا أن نعي هذه اللعبة وأن نضع حدا لتلاعب زمرة أوسلو بمصيرنا والمطلوب مراجعة كاملة شاملة لكل المؤسسات والهياكل التنظيمية دون إستثناء وعلى رأسهم حركة فتح.

أملنا كبير بأن هناك الكثير من الشرفاء والغيورين داخل فتح وغيرها ممن لا يرضون الضيم والفساد والتلاعب بهم وإعتبارهم ورقة مساومة في يد من لايستحق وأن فتح تحديدا ستبقى كبيرة وعصية على الجميع.

* د. إبراهيم حمامي : طبيب وناشط فلسطيني - 23/06/2003
DrHamami@Hotmail.com
تاريخ النشر : 10:13 28.07.04