بأقل من ثمن سيارة يا دحلان !
بقلم : د.إبراهيم حمامي

الخيام، سكن دائم لخمس اسر في غزة! .... تحت هذا العنوان كتب مصطفى الصواف من غزة تقريره الذي يصف المأساة التي تعيشها هذه الأسر كشاهد حي على ما وصلت إليه الأمور هناك، في ظل غياب كامل للمؤسسة "الرسمية" المشغولة بتخريجة الإنتخابات القادمة التي تم تأجيلها لإعداد السيناريو المناسب.

يقول جزء من التقرير: "على الطريق العام بين مدينة خان يونس ووسط قطاع غزة وتحديدا في منطقة القرارة تحيا 5 أسر فلسطينية حياة التشرد بعد هدم منازلها مرتين خلال الانتفاضة الثانية التي بدأت في سبتمبر 2000 دون أن تنتبه أي جهة لمعاناتها.

وكان جل ذنبهم أنهم لم يسجلوا أنفسهم مبكرا بعد هدم منازلهم لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

ولم تجد هذه الأسر التي يبلغ إجمالي أعداد أفرادها 30 شخصا سوى العيش في الخيام التي وفرتها لهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ظل ظروف صعبة تعيد للأذهان فصول نكبة عام 1948 (اغتصاب فلسطين).

وللوهلة الأولى، يخيل للمار بهذه المنطقة الواقعة إلى الجنوب قليلا من حاجز "المطاحن" بمنطقة القرارة أن الخيام المنصوبة هناك مهجورة أو أن ناشطين قد أقاموها احتجاجا على أوضاع سياسية، ولكن عند الاقتراب من هذه الخيام تختلف الرؤية ويتكشف المشهد شيئا فشيئا، فهناك العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ يعيشون ظروفا مأساوية.

وتعرضت منازل الأسر الخمسة -وتضم 3 أسر من عائلة أبو يونس وأسرتين من عائلة الملالحة- للهدم مرتين، الأولى في بداية الانتفاضة الحالية حيث كانوا يسكنون مقابل المطاحن.

وبعدها انتقلوا إلى مساكن مؤقتة وفرتها لهم "أونروا" جنوب المطاحن دون أن يتلقوا أية مساعدات من أية مؤسسات أهلية أو رسمية وبقوا فيها حتى 28-5-2002، حين قامت قوات الاحتلال للمرة الثانية بتدمير مساكنهم المؤقتة التي كانت تؤويهم في إطار قصفها العشوائي للمدنيين الفلسطينيين فاضطروا للعيش في خيام حتى الآن دون أن يلتفت أحد لمعاناتهم.

ويقول محمد حماد أبو يونس أحد المتضررين: إن وكالة الغوث قدمت مساكن مؤقتة لـ18 أسرة من أصل 23 تهدمت منازلهم في تلك المنطقة واستثنت باقي الأسر رغم أنهم جميعا مروا بنفس الظروف.

وأضاف أن الأسر الـ5 لم تتلق سوى بعض المساعدات من الصليب الأحمر ووكالة الغوث عبارة عن خيام وبعض المواد الضرورية إلى جانب مساعدات من جمعية "بني عامر الخيرية".

وأوضح أنه تلقى هو وأفراد أسرته من وكالة الغوث مبلغ 300 دولار، وحصلت أسرة جمعة حماد أبو يونس على المبلغ نفسه، بينما حصلت كل من أسرة نصير منصور أبو يونس وسليمان محمد الملالحة وفرحانة محمد الملالحة على 200 دولار. إنتهى الاقتباس من التقرير !

هذه هي معاناة الأسر الخمس، ودون شك هناك غيرها في أماكن أخرى، وربما في أوضاع أكثر مأساوية، دون أن يلتفت أي من المسؤولين للأمر وكأنه لايعنيهم، وهنا أذكر شهر يناير/كانون الثاني من عام 2002 عقب الإجتياح الأول لرفح وبعد أن أصبحت أكثر من 50 عائلة بلا مأوى في برد الشناء، لتتوجه "للسلطة" بطلب المساعدة فيأتيها الرفض، وما هي إلا ساعات وتعلن "السلطة المباركة" رصد ملايين الدولارات إعادة تأهيل مدرج مطار غزة الذي كا استخدامه حكراً على شخص واحد !

لم يتغير شيء، فبعد 3 سنوات يتكرر المشهد، أُسر بأمس الحاجة للمأوى والرعاية، ووزير الشؤون المدنية لايلتفت لهم أو لمعاناتهم، بل يوقع اتفاقات مع شركات أولبرايت وكيسنجر لاستكشاف الغاز في غزة، واستثمارات لمنتجعات سياحية، وتصريحات حول المستوطنات المنوي اخلاؤها وملكيتها "للسلطة"، والأهم أموال لا حصر لها تصرف لضمان الأصوات في الإنتخابات.

دون إطالة هذه المرة أقول للوزير حامل لواء الإصلاح: ان ثمن سيارتك التي اشتراها لك عبد الله الافرنجي من ألمانيا بمبلغ 120 ألف دولار في أواخر عام 2001، ثمن سيارة واحدة فقط دون الباقي من موكبك المتجول، كفيلة بحل مشاكل عشرات الأسر في فلسطين !

أتجرؤ أن تتحدث عن الإصلاح بعد ذلك ؟

د. إبراهيم حمامي
DrHamami@Hotmail.com
13/06/2005