مقارنات، أيهما أكثر إنطباقا ؟
بقلم : د.إبراهيم حمامي

د. إبراهيم حمامي

مفارقات أم مصادفات؟ أم هي مقارنات فيها تشابه وتماثل غريب بين ما جرى ويجري، وما يتم الإعداد له وفي أكثر من بقعة من منطقتنا الأسخن في العالم، يجمع بينها حماية المحتل والتماس رضاه بأي ثمن، وبكل الوسائل والطرق، مقارنات لا يمكن إلا أن تخطر ببال كل متتبع للأحداث يرى بعيون مفتوحة دون غشاوات الشعارات والإنتماءات .

سأختار حالتين تتشابهان مع حالتنا الفلسطينية في ظل أوسلو وإفرازاتها، بل تتطابقان إلى حد كبير معها مع فارق وحيد يتيم هو أسماء "أبطالها" إن جاز التعبير وباقي العناصر والأفراد والشلل !

أولاهما هو ما يجري على أرض العراق المحتل، لأقارنه مع الوضع في فلسطيننا السليبة، وحتى لا تختلط الأمور ببعضها أضع المقارنة في شكل نقاط مختصرة:

في نهاية هذا الشهر ستجري الإنتخابات في العراق بمقاطعة غالبية قطاعات الشعب وقواه، تماماً كما قاطعت غالبية الشعب الفلسطيني الإنتخابات في بداية هذا الشهر.
يشرف على الإنتخابات حكومة مؤقتة قامت في ظل الإحتلال وتحت قوانينه التي سنها بريمر وبموافقة قواته المحتلة، تماماً كما قامت سلطة أوسلو في ظل الإحتلال وتحت حرابه وقوانينه السارية حتى اللحظة، وهو ما شرّع الإحتلال في الحالتين.
نتيجة الإنتخابات لن تكون زوال الإحتلال بل تجميله، تماماّ كما يفعل عبّاس الآن الذي يصف مقاومة شعبنا بأبشع الألفاظ وبأنها ضد مصلحة شعبنا العليا.
باسم الوطنية والمصلحة العليا أنشيء في العراق جهاز جديد تحت مسمى الحرس الوطني لمهاجمة أبناء العراق لخروجهم عن القانون وليعمل جنباً إلى جنب مع قوات الإحتلال، وتحت نفس المسمى تماماً أنشيء الحرس الوطني الفلسطيني بعد إنتخاب عباس الذي يتوقع له أن يقوم بنفس الدور، خاصة بعد تصريحات ضباطه بأنهم على إستعداد لتطبيق "نموذج الفلوجة" أو Falloja Style في فلسطين.

لكن يبقى السؤال: لماذا يجمع كل أبناء الشعب الفلسطيني تقريبا ومعهم غالبية الشعوب العربية على أن علاّوي وما ستفرزه الإنتخابات العراقية القادمة هو ضد مصلحة الشعب العراقي ويصب فقط في مصلحة المحتل، ويشككون في نتائج الإنتخابات، بينما يصر أنصار التسوية على إعتبار عبّاس ومعه سلطة أوسلو، النسخة الفلسطينية من العراق، على أن عبّاس هو شرعي ومنتخب ويعمل لمصلحة الشعب الفلسطيني؟

تناقض غريب غرابة التطابق بين الحكومة المؤقتة في العراق وسلطة أوسلو!

ثاني المقارنات هي بين ما يجري هذه الأيام في قطاع غزة من نشر سلطة أوسلو وبفرمانات من عبّاس لقوات مهمتها حماية الإحتلال وبين تجربة جيش لبنان الجنوبي بقيادة العميل أنطوان لحد، وقبل أن يقفز أحباء ومريدي عبّاس وسلطته الهزيلة في ظل الإحتلال من أماكنهم إحتجاجا على تلك المقارنة، هذه بعض الحقائق والمطابقات التي لا يمكن لعاقل أن يشكك فيها:

لم يتوقف لحد ومن معه من تأكيد أنهم يعملون لمصلحة لبنان بكامل أراضيه الـ 10.452 كم2، وأنهم فعليا من يمثل مصلحة لبنان، وهي نفس الأسطوانة التي نسمعها الآن ولكن وللأمانة فعباس ومن معه لا يطالبون بفلسطين التاريخية الـ 27.009 كم2.
كان عدد من نشرهم لحد من عناصر جيشه المنهار 2500 عنصر، وهو نفس العدد الذي قرر عبّاس نشره في قطاع غزة، مصادفات غريبة!
كانت مهمة اللحديون في لبنان حماية قوات الإحتلال على حدود لبنان الجنوبية، أما مهمة لحديو فلسطين فهي حماية الإحتلال أينما وجد حول قطاع غزة.
أقام اللحديون في جنوب لبنان الحواجز وقاموا بتفتيش السيارات والمارة بحثا عن الأسلحة ولوقف الهجمات المحتملة، وهو بالضبط ما يقوم به لحديو فلسطين هذه الأيام وبشكل مخزي ومقزز.
كانت تحركات العناصر اللحدية لا تتم إلا بموافقة جيش الإحتلال، وهو تماماً ما يجري الآن في قطاع غزة حيث تعرقل نشر قوات حماية الإحتلال في جنوب القطاع بسبب إغلاق الإحتلال لطريق صلاح الدين ومعبر أبو هولي.
كانت مهمة الضباط في جيش لحد التنسيق الأمني مع الإحتلال ضد المقاومة، وهو بالتحديد دور ضباط سلطة أوسلو الآن الذين أصبحوا يجاهروا وبكل صلف بدورهم كما فعل أحد هؤلاء عقب عملية معبر المنطار عندما لام على الإحتلال لعدم التنسيق معه!

السؤال هنا: لماذا يجمع الكل على عمالة لحد ويعتبرون عبّاس وطنياً رغم أن ما قام به لحد لا يختلف بأي شكل عمّا يقوم به عباس الآن؟ مهما كانت التسميات والمبررات والحجج فما يجري اليوم في غزة هو نسخة متطابقة لجيش لحد وما قام به، ولن يغفر لقوات لحد الفلسطينية الجديدة أية مبررات فنشرهم له هدف واحد واضح، حماية المحتل، وإن كان هناك من يعترض فعليه أن يسأل نفسه: هل ستوقف هذه العناصر دبابة إحتلالية واحدة أو تحمي مواطن واحد؟ وهل ستمنع إجتياح المدن والمخيمات الفلسطينية، بل هناك سؤال أبسط: هل تستطيع قوات حماية الإحتلال التحرك خطوة واحدة دون إذن مسبق من الإحتلال؟

هذه بإختصار المقارنات أو التطابقات، ولم يبقى سوى أن نذكّر بمصير لحد الذي يدير كباريه في تل أبيب الآن، ومصير الجلبي الذي وصل على دبابات الإحتلال والملاحق الآن، ومصير العناصر التي تبعتهم، وغيرهم ممن كانت غايتهم إرضاء المحتل. سؤال أخير أيهما أكثر إنطباقا على عباس وسلطته؟ النموذج العلاّوي أو النموذج اللحدي؟

لانامت أعين الجبناء.

د. إبراهيم حمامي

DrHamami@Hotmail.com

24-01-2005