من؟ كيف؟ ولماذا؟
بقلم : د.إبراهيم حمامي

د. إبراهيم حمامي

ما الذي يجرى تحديداً داخل أروقة سلطة أوسلو؟ وكيف تدار الأمور في ظل تغييب للمؤسسات السلطوية نفسها وعلى رأسها "التشريعي" منتهي الصلاحية؟ وهل عادت الأمور لمرحلة التفرد بإتخاذ القرارات لكن هذه المرة دون رمز؟ هل هو نوع من التخبط وانعدام الرؤية أم لعبة سياسية محبوكة لأغراض وأهداف لا يعلمها إلا السلطويون؟

جملة من القرارات والشائعات والأخبار التي وللوهلة الأولى توحي بأن هناك "سَلَطة" وليس "سُلطة" رغم خطورتها وخطورة نتائجها على المديين القريب والبعيد، لكن لنستعرض بعض هذه التطورات علّنا نجد جواباً شافيا:

دحلان يجتمع مع موفاز بمشاركة عريقات في القدس، والسؤال ببساطة ما هو منصب دحلان "الرسمي" الآن داخل سلطة أوسلو ليفاوض باسمها ويشارك في اجتماعات على هذا المستوى؟ ألم يملأ دحلان الدنيا بتصريحاته واقترب من أن يقسم أغلظ الأيمان أنه لن يقبل أو يكون له أي دور أمني؟ لماذا دحلان تحديداً ومع موفاز بالذات؟ هل عاد الثنائي من جديد ليُنسّق ويتآمر؟ وهل تحولت سلطة أوسلو لشركة خاصة تدار من قبل عبّاس ليرسل من يشاء باسمها حتى وإن كانوا بلا مناصب؟

حنان عشراوي تقدمت بشكوى رسمية إلى الإدارة الأميركية عبر القنصل الأميركي العام في القدس، ديفيد بيرسي، ضد القرار "الإسرائيلي" القاضي بتطبيق ما يسمى "قانون أملاك الغائبين"، الصادر في العام 1950، على مدينة القدس العربية، صحيح أن الولايات المتحدة هي اللاعب والداعم الرئيسي للإحتلال والجهة الوحيدة القادرة على الضغط عليه لكن: أليس هذا تجاوزاً لسلطة أوسلو التي تشكل حنان عشراوي جزءا منها باعتبارها عضواً في "المجلس التشريعي" ومفاوضة سابقة باسمها؟ لماذا لا يكون الطلب رسمياً ومن خلال سلطة أوسلو؟ هل فقدت عشراوي ثقتها بالأزلام القدامى المتجددين؟ أم أن "رجالات" أوسلو لديهم اهتمامات وأولويات مختلفة لا تتضمن موضوع القدس؟ أو ربما أن قضية القدس حسمت في مفاوضات سرية اعتاد عليها عبّاس ومن لف لفه؟

جواد الطيبي "وزير" الصحة الفلسطيني يصدر أمراً شاذاً وغريب بوقف علاج المواطنين بالخارج دون إبداء الأسباب أو الدوافع، وبطبيعة الحال هذا لا يؤثر على المسؤولين وعائلاتهم، ترى هل يحق لفرد التحكم بمصير مرضى شعب مهما بلغ مركزه خاصة في غياب المبررات؟ وهل يعقل أن يستوي "الوزير" مع جندي الإحتلال الرابض على الحواجز لمنع المواطنين من العبور؟ ومن يتحمل مسؤولية وفاة مريض واحد لا يتوفر علاجه داخل المستشفيات المحلية؟

قريع بطل الباطون أصدر أوامره اليوم بمنع المواطنين من حمل السلاح، هكذا المواطنين دون إستثناء، وكأن الأمن إستتب فجأة ولا يعكره إلا سلاح المقاومة المستهدف الرئيسي من تلك القرارات، ألم يسمع قريع عن أفراد شرطته الأبطال الذين فرّوا أمام 100 مستوطن قرب "نافيه دكاليم" تاركين سياراتهم وراءهم؟ هل تعهد هو أو غيره بحماية المواطنين من حملات الملاحقة والدهم والإغتيال التي لم تتوقف ولو للحظة؟ لماذا لا "يتشطر" هؤلاء إلا على شعبهم ولإرضاء المحتل؟ ولماذا لا نسمع لهم صوتا ضد الجدار وقرارات هدم المنازل والإغتيالات ومحاولات قضم القدس وأراضي الضفة؟

وافق عبّاس على مشروع شارون بقيام دولة فلسطينية "مؤقتة" بحسب صحيفة الشرق القطرية الصادرة اليوم، وإن صحت التقارير التي تلقفتها وكالات الأنباء وطيّرتها فإن السؤال المطروح يكون: بأي حق يقبل عبّاس وكل سلطته بهكذا أمر دون الرجوع للشعب أو حتى مؤسسات أوسلو التي عادة ما تبصم على أي قرار؟ وما هو تعريف الدولة المؤقتة في قاموس "السلطة"؟ وعلى ماذا ارتكزت سلطة أوسلو في تعريفها تاريخياً ومن خلال التجارب السابقة؟ ألا تكفينا سلطة "مؤقتة" بلا سيادة في ظل إحتلال يحدد لرئيسها مواعيد النوم ودخول الحمام، حتى نقبل بدولة "مؤقتة" بلا طعم أو لون أو رائحة؟ أم أن الأمر هو قبول ما يطرحه شارون وبغض النظر عن ماهيته؟

أخيرا بدأت اليوم الجولة الثانية من الإنتخابات البلدية في 10 بلديات في قطاع غزة، وخلافاً لإنتخابات رئيس سلطة أوسلو لا تحظى هذه الإنتخابات بأي تغطية لا مباشرة ولا غيرها، ترى لماذا؟ هل لأن أمر البلديات لا يهم سلطة أوسلو بعد فوز المرشح الأوحد الوحيد وسيطرته على الأمور؟ أم أن البلديات بحد ذاتها ليست بأهمية كرسي الرئاسة؟ أو ربما لأن الإقبال عليها كبير بعكس ما حدث يوم 09/01/2005 وبالتالي نتائجها غير مضمونة ويمكن أن تمثل ضرية لنهج أوسلو فوجب بالتالي التعتيم عليها؟ هل ستنفذ لجنة الإنتخابات تهديدها بالإستقالة التلقائية يوم غد 28/01/2005 كما وعدت في رسالتها بعد تجاهل "السلطة" لها أم أن كلام الليل يمحوه النهار ؟

تساؤلات كثيرة تشكل في مجموعها مثالا ل "حارة كل من ايدو اله" والثابت الوحيد فيها الذي لا يتغير تنفيذ ما يرتضيه المحتل دون تردد، وبأي شكل ووسيلة، وعلى يد أي كان، فرضا المحتل أصبحت الأولوية الوحيدة .

لكل من طالب بإعطاء عبّاس ومن معه فرصة أخرى وسنوات أخرى عجاف، هاهي الوقائع على الأرض وبالدليل الذي يثبت أنه "ما بيجرب المجرب إلا اللي عقله مخرب"

د. إبراهيم حمامي

DrHamami@Hotmail.com

27-01-2005