ألاعيــــب إيران ودورها في الانتخابات الأمريكية .. في العراق (2)
بقلم : محمد فؤاد المغازي


محمد فؤاد المغازي
هل اعتمدت إيران منطوق الْمَثـَـلْ الشعبي القائل" اللي تغلبه..العبو ". فما جري من مواقف وإجراءات إيرانية تتعلق بالانتخابات الأمريكية في العراق..يمثل ألغازا تحير، وتحتاج إلي توضيح. صحيح أنه مَثـَلْ يلخص قيم القاعدة السائدة في العلاقات الدولية، لكنه بالقطع ليس من شيم من يتبجحون بالحديث عن الثورة.

فإيران تدرك تماما أن الانتخابات الأمريكية في العراق باطلة بكل المقاييس سواء ما يتعلق منها بالقانون الدولي العام، أو بما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، أو ما حددته الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالغزو وحالة الحرب..أو بغياب الاتفاق العام بين أبناء العراق أنفسهم..أو ما يتعلق بأمن إيران نفسها..فالشيطان الأكبر أصبح على أبواب إيران، وظلال النسر الأمريكي تغطي الضفة الأخرى من الخليج !!

وحتى لو افترضنا أن الانتخابات الأمريكية في العراق جرت وفق كل المعايير المعتمدة..واستوفت كل الشروط..ما كان لإيران أن يكون موقفها على هذا النحو، وأن تساهم في تجميل صورة الشيطان الأكبر بطريقة مباشرة جرت من خلال تأييد علي السيستاني المندوب السامي والدائم لإيران في العراق..فما صدر عنه من فتاوى وآراء وتحريض وتعبئة قد ساهم بشكل أساسي في كسر وحدة المقاومة العراقية ضد الأمريكان.

ونتساءل..هل كانت مواقف المندوب السامي علي السيستاني وفتاويه خارج نطاق الطاعة والسيطرة الإيرانية؟ وبغير توجيه من قيادتها؟ أم أن كل هذا قد جري في إطار صفقة أملتها مصالح إيرانية بحته؟

لأنه كان في مقدور إيران أن تقول للسيستاني أصمت يا رجل ودع العراقيون يتوحدون في مواجهة الشيطان الأكبر، لكن ما جري كان على العكس. فمواقف السيستاني كانت ومنذ البداية تمثل إسفين في وحدة المقاومة العراقية ضد الأمريكان، وتنسجم مع اعتراض إيران الناعم على غزو العراق واحتلاله، فلماذا لم تتوقف عند حدود التنديد وابتسامة التشفي!!

ثم يأتي اللغز الإيراني الكبير عبر دور إيران في الانتخابات الأمريكية في العراق وبشكل مباشر وعلى أراضيها..عندما تولت تسهيل العملية الانتخابية للعراقيين المتواجدين لديها..كي تضمن للسيستاني التأييد عبر انتخابات جرت بأمر وبإدارة الشيطان الأكبر، عندها لم تتردد إيران في أن تستخدمها في تدعيم موقع علي السيستاني، وبالتالي ثقل مؤثر في المجتمع العراقي يجعل من إيران شريكا أساسيا في كل ما يتعلق بالعراق، وبمنطقة الخليج بأكملها..فدورها في العراق على هذا النحو سوف يساهم بالتأكيد من تخفيف الضغوط عليها من قبل الشيطان الأكبر أو الاتحاد الأوروبي.

وهكذا تعاملت إيران في قضية العراق بالسياسة والمتاجرة شأنها شأن الآخرين، واستخدمت لعبة الانتخابات النجسة كي تحقق مصالحها، موقف وسلوك لن تطهر منه إيران حتى لو توضئ قادتها بماء زمزم، ولا تسقط ذنوبها من تاريخ الفرس باللطم طول الدهر!!

لم نكن نستغرب من أن يقوم أي نظام عربي ويفعل أكثر مما فعلته إيران طلبا للحماية أو مبالغة في نفاق الأمريكان، لكن أن تكون إيران واحدة من دول النفاق السياسي والمتاجرة بالشعارات..فإن سلوكها هذا أسقط عنها كل ما تبقي لها من رصيد ومن ثقة في الجار الفارسي الذي أضاف بمسلكه الكثير من الألغاز وعلامات الاستفهام..تضاف إلي الألغاز وعلامات الاستفهام المتراكمة في تاريخ العلاقات العربية - الفارسية..وكلها محيرة.

ماذا لو أن المعارضة الإيرانية في الخارج هي التي جاءت على صهوة دبابات أمريكية وهدمت إيوان كسري فوق رءوس أصحابه. فهل سيصبح علاوي إيران، والجلبي الإيراني ومن هم على شاكلتهم فرسانا للحرية؟ وهل كانت النظرة إليهم ستتغير في إيران عنها في العراق بأنهم وطنيون وبناة للديمقراطية؟ أم وصمة الخيانة كانت ستلاحقهم مثلا تلاحقهم الآن في العراق؟

والسؤال بعد هذا كله..هل الانتخابات الأمريكية في العراق تطرح الديمقراطية الأمريكية أداة للنهوض؟ وطريقا يصل بالعراق إلي الحرية؟ أم أن الديمقراطية الأمريكية هي طريقا للنفط..وطريقا للسيطرة..وطريقا لأمن إسرائيل..وطريقا لأمن نظم ديكتاتورية مهما أدعوا وتفوهوا بعكس ذلك..ونموذج يريد بوش وإدارته تطبيقه في العراق ليتم تعميمه على بقية المشخيات الأمريكية في المنطقة العربية من محمد نمرة 6 على الأطلسي إلي عبد الله نمرة 2 على شواطئ البحر الميت..مرورا بالعالمة باشا.

هذه هي الديمقراطية الأمريكية..فمن قبلها فهو إما خائن أو ضعيف مغلوب على أمره..ومن أيدها فهو شريك في المؤامرة على شعب مسلم فلا تقبل منه دية، ولا يعتد له بقسم، وتظل اللعنة تمسك بعبائته السوداء إلي يوم الدين. فالسلوك الفارسي قد وضع الكثير من مساحيق التجميل السياسي على الوجه القبيح للشيطان الأكبر. سياسات لا يفسرها غير المثل القائل:
" أسمع كلامك أصدقك..أشوف أمورك أستغرب".

وشعبنا العربي في العراق البطل ابتلي بمجموعة من الخونة لا يهم..المهم أنه شعب لا يقبل الضيم ولا يقبل مهما كانت التكاليف أن يرغم على تقبل الديمقراطية الأمريكية النازية بدعوى أنها تحقق استقراره وتقدمه..وأن شعب العراق لا يقبل أن ينطوي تحت رايات المذلة والهزيمة، أو أن يقبل بوجود القتلة الغزاة على أرضه بدعوى أنه مغلوب على أمره..وقد لا يطول صبره على ألاعيب ودور المندوب السامي الإيراني في العراق.

لقد قال جورج بوش كاذبا: " أن الانتخابات سوف تتحقق غــدا بعزم وشجاعة العراقيين".
وسأجيبه صادقا:" أن خروج الغزاة القتلة من الأمريكان وحلفاءهم سيتحقق غــدا .. بعزم وشجاعة العراقيين".
ويومها سنقيم الأعراس وسنعاود نغني " بغداد يا قلعة الأسود..يا كعبة المجد والخلود "
إليك بغداد كتبت مقالي..ودموعي تتساقط على أوراقي. لكن لشدة إيماني بك، وحبي لك أدرك أنك ستصنعين النصر غدا..وسنستعيد بك ومعك بكل تأكيد البسمة والكرامة لكل عربي..آمن بك مهدا للحضارة..وحصنا شرقيا لأمته..عاصيا ومنيعا على أعدائها.

محمد فؤاد المغازي

تاريخ النشر : 11:03 2005-02-11