أنا يا قدس ما أبحرت ملاحاً بلا سفني
بقلم : فادي عاصلة ـ فلسطين

اليوم صباحاً عدت ، كفراش النرجس مغمس بهموم الذكريات ، ومشقة الطريق وألم الغربة ، ووجع المنافي ، وتبكي ...
اليوم صباحاً عدت حينما لم تشرق شمس ، ولم تضحك طفلة ، ولم يقل أحد
" صباح الخير " لك زغرد نعنع الجرح الأخير حين لم يعانق إنتحاره في إبريق حزن ...
اليوم صباحاً عدت ، تطأ ذاكرة السنوات التي تغلي فوق جماجم المواقف وتنشد في حر الأوردة نزف أيام تكوي ما تبقى من كلمات النهاية في حناجر القيد ...
اليوم صباحاً عدت ... مغمس بدم السنين ، وكان شفاهك تشب فيها الحرائق من جمر الحروف ، وصهيل العبارات الباكية ، وكانت العيون التي تبكي سنوات من نبض المرحلة تذر دفيء الماضي وتبكي كي لا يولد الغيم من شتاء اللحاظ ...
اليوم صباحاً عدت ... ولم أكن ؟ غريب كأني لست أنا ، ما زالت أدافع عن شموخ الميرمية ، وعن إباء السنديان ...
محمد لك أن تطوف الوطن ... من الجليل إلى الخليل من يافا إلى حيفا ، إلى الغابسية ، إلى صفد إلى ميعار ...
لك أن تزرع روحك في كل شبر ، وأن تدفن دموعك في كل قبر ، وتكفكف بقايا دمعات ، وتزرع أملاً في كل سطر ، وتزرع وطناً في كل شبر ...
لك يا محمد يشدو حنون القدس ، وعنب الخليل ، وزيتون الجليل ، لك يضحك تفاح الجولان ويقول همك من همي ودمك من دمي ...
محمد عسانا نقتلع بعض جراحنا ، فكفكف دموعك ، وأنصب جرحك في كل نص ، وأحفر فوق صدرك عائدون ...
محمد إنا هنا على العهد باقاون ، نحرس ظلال الزيتون والكينا ، محمد ألف مليون موت لا يحنينا ...
محمد دعك من وئد الدموع ، ومن ذر الجمر في الصدور ، فلن يعيداً أرضاً عواة في قصور ، ولن يعيد مجداً حرسة العروش ، وأحفاد بوذا والهنود ، فهذه الزعامات لن تعيد وطناً بصمت القبور ...
فأحفر جرحك في كل منفى وردد :

أنا يا قدس ما أبحرت ملاحاً بلا سفني
دماء النصر والتحرير لا ترتاب بالزمن
فلسطيني لست أهاب موتاً بلا كفن
أردد أغنيات النصر
سوف نعود
سوف نعود يا وطني ...

فادي عاصلة ـ عرابة
11.09.2004