عيد للصدق
بقلم : د . فاروق مواسي

د . فاروق مواسي

عندما مررنا بمستشفى الأمراض العقلية القريب من باقة خطر لنا خاطر غريب - أن نكون ضيوفًا ليوم واحد في المستشفى ، ونفضي بسرائرنا ... نصرخ ... نضحك ... نلعب ... نبول أمام بعضنا البعض ... نسوق عربات الأطفال وكأننا نطير .
وأخيرًا قر قرارنا أن نحتفل بعيد للصدق بدلاً من ذلك ، فنبوح بدخائل النفوس من غير أن نستلزم انتقاد المجتمع القاسي ، فمجرد زيارة للمستشفى تلعن " سنسفيل " اَبائنا وتقضي على مستقبلنا ، ولا يمكن أن يعقل الواحد بعدها .
    وحتى يصدق الواحد بالدقة المتناهية تناول كل منا حبة صنعت خصيصًا في معمل كيماوي أسس على الأمانة ورعاية حقوق العمال والتعاون المخلص .
التأم الشمل في ليلة الحفل . ووزعت الكؤوس والحبوب ، وخطب صاحب فكرة "عيد الصدق " وقال :
*     أما أنا فلا أحب زوجتي ، لفمها رائحة كريهة .. أتمنى أن تزول من العالم حتى أتزوج صبية اسمها (نرجس القاضي) .
*     وأما أنا فلا أحب أحدًا حتى (محمود الديوان) الذي ترونه بصحبتي ، خسارة ، لأن أضلاعه لم تكسر ولم تهشم في حادث الطرق أمس . ويا للأسف قام سليمًا معافى .
-     أما أنا فأصلّي حتى يقول الناس إنني أصَلي . أتردد على المسجد الكبير أرمق الجميع بنظراتي ... أوزعها ، ابتسم ، هزة رأس لهذا ، هزتين لذاك ، قسمًا بأنني أكلت مالاً تابعًا للمسجد (هذا في داخل داخلي) ... ألسنا نأكل من خيرات الله ؟
*     أما أنا فأرجع " الشيكات" التي أكتبها مؤجلة ، بينما أخبئ الدولارات في الخزانة الخلفية وراء "الشرشف" ، وقد أرجعت "شيك" الفقير الحال (محمود ناصر) الذي يستحقه منذ مدة ، فالأفضل أن يموت جوعأَ . جهنم !
وتوالى الخطباء .
والكلمات صارخة حادة حارقة مرة ،
        وما لبثت الكلمات أن تحولت إلى لكمات .
وتأسفنا لأننا لم نعمد إلى الاقتراح الأول .

د . فاروق مواسي
تاريخ النشر : 21.12.2004