عطست فلسطين العُليّق، والمحاسبة صارت تكريماً

د. فايز صلاح أبو شمالة

                لن ننساك يا نيسان، سيظل شعنا العربي الفلسطيني يذكر فضلك عليه بالخير والبركة، يا من تمت فيك تصفية أسماء ظل رباط حذائها يلتف على عنق الشعب سنوات، وظل صديدها ينزّ وجعاً على صدر الشعب، يا شهر نيسان الذي تبارك فيك الوطن فلسطين بالنصر المبين على أعداء الرمل، وسارقيه، فهنيئاً لاسمك يزهو على بحر غزة في موسم التطهير، وتنقية ما نجا من التراب، لترتاح حباته مطمئنةً من السلب، وتتنفس هواء البراءة من السطو والنهب.

        ما أطيب أنفاسك يا نيسان على شعبنا العربي الفلسطيني الصبور، لقد رفرفت يا نيسان بأجنحة الحرية، وأزاحت غصة علقت في مجرى نفس البسطاء من الشعب المقهور، لقد هفهفت يا شهر نيسان يا أحلى الشهور، ونقيت لشعبنا العربي الفلسطيني الطهور الأجواء، فلطالما تعودت غزة لفظ الفجور، ولطالما ترنّخت في ترابها البذور.

        ما أطيب فرح الناس، وما أنقى الأنفاس!! صار للأمنية صوتاً يغرد، وصار للحرية نبرة الاطمئنان، لقد تمت تصفية بعض الأسماء التي له تاريخ الانكسار، ونزلت مع برادعها عن ظهر الناس، أسماء تعودت، وظلت تصر على أن تنهش لحم الوطن، أسماء تصر على أن الله اصطفاهم إلى أبد الآبدين قادة ميامين؛ يأمرون فيطاعون، يؤشرون بعصا المارشال (الخانعة) فتنحني لهم الرقاب، أسماء فاتهم أن فرعون ما تخلد على الأرض مهما طغى، وبغى، وتجبر، وفاتهم أن في غزة بحر يصمت كي يثور، ويلفظ كل جيفة مخمور.

        ما زال لشعبنا في ذمة بعض الملفوظين دمٌ ومالٌ وأرضٌ وعرضٌ، نقول: البعض منهم، ولا نقول كلهم ـ فهناك شرفاء يستحقون التكريم ـ وشعبنا يعرفهم بالاسم، شعبنا غربال الأسماء، ويرى حقه العام معلقاً في رقاب البعض، ذاك البعض الذي لا يحق له أن ينام في بيته هانئاً بعد أن امتص دم الشعب، وقبض روح الأبرياء، ومزق لحم الشرفاء، وتنفس دخان (الأرجلية) على عذاب الأوفياء!! ذاك البعض الذي تخرج من سجنه عشرات المظلومين، ولم يكن أحد يعرف قبل اليوم أهم أحياء أم أموات!! آن أوان شعبنا في القصاص، لأن في القصاص حياة يا أهل العدل، ويا قضاة، قبل أن يهرب المطلوب، ويتهرب من بيننا، ليظل دم الأبرياء يصرخ: العدل، والمسائلة، وملاحقة الفساد حتى الجذور، دون ظلم أحد أو جور!!.

        عطست فلسطين في نيسان ما علق في أنفاسها، فتنقى صدرها من بعض الأدران، ولكن مازال النفس يتحشرج بآخرين، عليك بهم يا أيار، ويا حزيران، ويا تموز، طهروا مسرى النبي محمد عليه السلام، إن هذه أرض فلسطين؛ أرض الغر الميامين، أرض الرباط والكرامة إلى يوم الدين، ولن تدوم ماخور عارٍ لبعض المأجورين المارقين!!


* الكاتب حاصل على شهادة الدكتوراه في موضوعة الحرب والسلام في الشعر العربي والشعر العبري على أرض فلسطين
fshamala@yahoo.com

تاريخ النشر : 1/5/2005