فكاهة الرئيس القذافي ورصانة الراب عوباديا يوسف
بقلم : د. فايز صلاح أبو شمالة

        انتهى مؤتمر القمة العربي، وجدد العهد للمبادرة العربية التي كانت يوماً مطلباً إسرائيلياً، وأصدر القرارات التي لن تزحزح موقف "إسرائيل" مليمترات صغيرة عن خطة العمل الاستراتيجية التي تسير عليها، بل نظر اليهود باستخفاف لكل ما صدر عن مؤتمر القمة، لأنهم يعرفون جيداً أن قول العرب لا يعادل الفعل الذي تمارسه "إسرائيل" ، وبالتالي لم يعر الإعلام الإسرائيلي انتباهاً للمقررات التي ما ظن بها أصحابها جنوحاً للسلام فقط، وإنما هجوماً على السلام.

        لقد اهتم اليهود في "إسرائيل" بموقف (الراب عوباديا يوسف)، الزعيم الروحي لحزب شاس الديني، وانتبهوا إلى اللقاء الذي عقده مع زير المالية بنيامين نتانياهو، حيث طالب نتانياهو من الراب عوفاديا يوسف أن يصدر فتواه إلى أحد عشر عضو كنيست يتبعون حزب شاس للتصويت لصالح الاستفتاء الشعبي على خطة فك الارتباط عن غزة، وكل ذلك من وراء ظهر رئيس الوزراء شارون، بالطبع لقد وعد الراب عوفاديا يوسف بأن يدرس الأمر.

        قامت "إسرائيل" ولن يقعد العالم العربي.

        تكمن أهمية هذا الخبر في أن قرار الراب عوباديا بن يوسف سيحدد مصير الشرق الأوسط كله، وله التأثير والحضور أكثر من كل قرارات القمة العربية، فإن أيد الراب عوفاديا يوسف الاستفتاء، ونتائج الاستفتاء معروفة من وجهة نظر المطالبين بها، والرافضين لفك الارتباط، فمعنى ذلك: أن الانسحاب من غزة قد تأجل على أقل تقدير، أو ألغي من قاموس الدولة العبرية التي تنتظر هذا الأسبوع أهم القرارات التي لا تخص "إسرائيل" وحدها، وإنما تتعلق بمصير العرب، وتتعلق بمستقبلهم، وتعسف الريح في عين قرارات مؤتمر قمتهم في الجزائر، المؤتمر الذي أوحى لكل بيت في "إسرائيل" بأن العرب غير قادرين على فعل شيء أكثر من التقدم بمبادرة، أو التأكيد على تعديل مبادرة سبقت، أو الانتظار لتقديم مبادرة جديدة تحض على الاعتراف بالأمر الواقع الذي ستقرره "إسرائيل" لاحقاً، ليصير من وجهة نظر العرب المستقبلية واقعاً، لقد فهم الإسرائيليون الرسالة العربية، وسيعملون بها، وسيقرر الراب عوفاديا يوسف المستقبل العربي والإسرائيلي معاً.

        من مفارقات الدنيا، وعجائبها؛ أن الرئيس، والزعيم الملهم، والقائد الفذ، وعميد الرؤساء العرب معمر القذافي قد نجح في إثارة جو من المرح والضحك والسخرية في خطابه بين أوساط العرب، وخرج المجتمعون بمقررات مكتوبة تبتسم على الورق، ونجح الراب عوفاديا يوسف بجملة شفوية صارمة: سنفكر في أمر الاستفتاء، نجح في إشغال المجتمع السياسي الإسرائيلي والعربي والدولي، فهل ترجح كفة الراب عوفاديا يوسف السياسية والدينية على كفة أثنين وعشرين رئيساً وزعيماً وقائداً وملكاً ووزيراً عربياً؟ أم أن الشاعر العربي كسير القلب، المدعو المتنبي سيعدل شطر بيت الشعر المشهور: يا أمة ضحكت من جهلها الأممُ، ليصير وفق روح العصر: يا أمة ضحكت من جهلها القممُ!!!

أو في رواية أخرى: يا قمة فترت من عجزها الهممُ!!

أو كما ورد على لسان الآخرين: يا همة غرقت في وهمها القيمُ!!!


* الكاتب حاصل على شهادة الدكتوراه في موضوعة الحرب والسلام في الشعر العربي والشعر العبري على أرض فلسطين
fshamala@yahoo.com

تاريخ النشر : 23-03-2005