الـجـذور
بقلم : محمد رمضان

أرسلت الزيتونة جذورها إلى أعماق الأرض أمدتها بكل ما تحتاج إليه من غذاء و ماء و قالت لها: إذا نقص عليك شيء فتدبري أمرك في الأعماق هنالك الحديد و النحاس و الكبريت و الفوسفور و مليارات من الكائنات الدقيقة و غير الدقيقة كلها طوع أمرك إذا ما نجحت في تسخيرها و احذري من الأعداء هناك فهم كثر لا تستعجلي المعركة معهم ردت الجذور: - و كيف نعمل في الظلام؟ - لا تكترثي فالظلام يتلاشى أمام نور الصدق و العزيمة و الإخلاص غرست الجذور مخالبها و أظفارها في الأرض و بدأت تعمل بدأب أغار الأعداء على أوراقها و الأغصان أكلت الأعداء معظم أوراقها و مرَّغت الباقي في التراب كسَّرتْ الأغصان و صنعتْ منها تماثيل و آلهة يعبدونها صنعوا منها بيوتا و عرشا فيها يسكنون و ينامون تشبثت الأغصان بالحياة استمرت ترسل للجذور بعضا من ماء و بعضا من طعام أرسلت رسالة إليها: - الحقيني أيتها الجذور يكاد العدا يقتلونني لم ترد الجذور لانشغالها في البناء الجاد أفاضت في العمل ليل نهار و دونما هوادة أو تكاسل حشدت حولها آلاف الأنواع من البكتيريا و الكائنات الأخرى صنعت من الحديد سيوفا و من النحاس موصلات للطاقة و آنية للحاجة و من الكبريت نارا و من الفوسفور قنبلة خاضت معارك طاحنة ضد الأعداء في باطن الأرض أنتصرت عليها و أفنت جذورها كانت الجذور على أحر من الجمر لخوض معركة السطح تنتظر ساعة الصفر أرسلت فريق استكشاف ٍ إلى السطح وجد الفريق أن الدنيا قد تغيرت و معالمها تبدلت و لم يعد على الأرض شيئا مما كان عاد الفريق إلى قيادة الجذور تحت الأرض أعدت الجذور نفسها و حصنت قواعدها ووزعت مهام العمل ما بين فوق السطح و تحته صعدت الجذور إلى السطح يشع منها نور الزيت المبارك احترق الأعداء و ما عرشوا و هربت الصعاليك كأنما فرت من قسورة تنفست الباقيات من الأغصان جميل الهواء و سألت: - أين كنت ِ أيتها الجذور و الباطل في عرضي و كرامتي يعربد - كنت أجتث الباطل من أساسه تعانقت الجذور و الأغصان و هن يتنسمن نسمات ندية كانت تهب عليهن من جهة النهر الشرقية و عصافير الأرض و الزيتون تغني و الصدى في آفاق الكون يردد "أنتم شرقي النهر"..... "و هم غربيه".....
محمد رمضان ـ غزة
02.11.2004