المرأة أمٌ...... والأم وطن
رؤية زوجة الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
بقلم : محمد رمضان


عقب استشهاد زوجها بصاروخ غادر أطلقته طائرة أباتشي أمريكية, بثت" قناة العربية" لقاء صحفيا مع زوجة الشهيد بدت فيه المرأة خبيرة متمرسة في الإعلام و إدارة المقابلات الصحفية بطريقة فذة و رائعة, و ذلك برغم مصابها الجلل و فجيعتها الكبرى في زوجها. لم تترك مجالا للمذيع أن يضع الإجابات في فمها فتكون الإجابة كما يريد أو كما يعتقد.

الشهـيد الرنتيسي
سألها العديد من الأسئلة و كانت تجيب بثقة و هدوء قلما تراهما في رجل خبر الإعلام و أجرى مئات المقابلات الصحفية سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية. و لعمر الحق إن المقابلات المرئية هي أصعبها. فما بالك بامرأة تقف أمام هذه الشاشة و أمام مئات الملايين من المشاهدين في كافة أصقاع المعمورة...
لقد شدني من أسئلة الصحفي سؤال, وشدني أكثر ماذا يكون جوابها!!
السؤال هو: يقولون وراء كل عظيم امرأة, فهل نقول بأنك أنت التي كنت وراء الشهيد القائد الدكتور عبد العزيز؟؟؟
و كان الجواب: "لا ..... لست أنا... إنها أمه ..... هي التي ربته... علمته.... هو و اخوته بعد وفاة أبيه... الفضل كله لله ...ثم لأمه..."
السؤال به إغراء, و لكن الجواب كان قويا و صاعقا: إنها أمه.... كان بإمكان زوجة الشهيد رحمه الله أن تقول "نعم".....
لكنها أرادت إن تضع الحق في نصابه و السيف في جرابه, و أن تقعد القواعد الصحيحة و أن تعطي كل ذي فضل فضله.....
إن امرأة يتمثل فيها هذا البعد و تتمثل فيها هذه الجرأة لجديرة بالتقدير ... و هي تنكر نفسها و تعترف لأمٍ فاضلة بفضلها....
لقد غيرت زوجة الشهيد رحمه الله مفهوما غربيا و غريبا غزا أرضنا و ثقافتنا فأعادت للام كرامتها و مجدها و حقها... نعم إنها أمه... فرحم الله الشهيد و رحم أمه ....
و لقد قرأت يوما مقابلة صحفية مع الشهيد و ذلك قبل استشهاده في إحدى الصحف المحلية قال فيها بدموع حزينة.. كنت أود رؤيتها قبل موتها رحمها الله, و أخبرني أهلي أنها كانت تود رؤيتي قبل موتها حيث كنت يومها في السجن...
فالمرأة هي الأم .... و الأم هي التي تنجب الأبطال و القادة و الشهداء و العظماء.....
و الأم هي حامية الوطن و حصنه الحصين و هي التي تنجب الأطفال, سر الإبداع في هذا الوطن.....
الأم هي التي كانت في الانتفاضة الأولى تجمع الأحجار لأبنائها العظماء.......
الأم هي التي أودعت فلذات أكبادها في سجون العذاب و القهر و الشرف دفاعا عن التراب و المقدسات و الكرامة.....
الأم هي التي أودعت فلذات أكبادها في مقابر الشهداء في رحلة الخلود الأبدية نحو الحور العين.....
الأم هي من ودعت الشهداء الأحياء إلى عمليات استشهادية بطولية رائعة كانت الأروع على طول المدى .......
الأم هي تلك الأسيرة القابعة في سجون القهر و التعذيب دون أدنى مراعاة للإنسانية المدعاة....
الأم هي من تركت أطفالها الرضع و خرجت لتستشهد في سبيل الله و الوطن و تذيق الذين ظلموا كأس الموت الزؤام...

محمد رمضان ـ فلسطين

تاريخ النشر : 21:13 03.08.04