حينما تسكر الحمير
بقلم : محمد رمضان

بينما كانت الشمس تصافح بأشعة الأصيل النسمات العليلة التي تلامس صفحة البحر الجميلة ... وقف كبير الحمير وأخذ يفتش عن طريقة يحسن بها وضعه المادي ليصبح بين يوم و ليلة مليونيرا يشار إليه بالبنان.. فكر وقدر, ثم قال : لماذا كبير البغال أحسن حالا مني ؟؟
لديه الأموال والخدم والحشم والسيارات والجند, وكبير الكلاب كذلك و كبير القرود مثلهم ...
وبينما هو جالس مهموم يضع يده على خده اليمنى ويحك رأسه بيده اليسرى, سمع حركة بجانبه, التفت إلى حيث الجلبة والصخب, فإذا بكبير القرود في وفد على مستوى رفيع, يلبسون الحلل و الطرابيش و أسلحة الحراسة الخفيفة, أوه..... تذكر كبير الحمير أن اليوم هو موعد الزيارة الرسمية المتفق عليها مسبقا بين الكبيرين, تظاهر الحمار أنه قصد استقبالهم في هذا المكان الهادئ الجميل ذي النسيم العليل .....
جلسا معا وسأل رئيس القرود: مالي أراك مهموما ؟؟ هل أستطيع مساعدتك؟؟ تململ كبير الحمير وقال : أبحث عن فرص عمل للمقربين لدي في مملكتي !!
أنت تعرف مشاكل الاقتصاد الدولية و تبعات العولمة كل ذلك أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة.....
هز كبير القرود رأسه و قال ما رأيك في أن تعمل معي في الاستيراد والتصدير وتهريب الخمور, رفع الحمار رأسه, سحب نفسا طويلا من سيجاره الكوبي, أزاح طاقيته إلى اليمين قليلا, و سأل الاستيراد و التصدير و التهريب, دعنا نبدأ من الآخر كما يقولون, ماذا تعني بتهريب الخمور ؟؟؟
الأمر بسيط جدا, قال زعيم القرود, وكما تعرف فان الخمور مدرة للربح الوفير إذا ما تم تهريبها من الدول المجاورة, سأل الحمار وكيف يتم ذلك ؟؟
قال القرد تعمل حميرك في التجارة و بطريقة طبيعية, و يتم تغليف زجاجات الخمور في لفافات من التبن فتأكلها الحمير, وتصل إلى بطنها سليمة كما هي, و على الحدود يتم إجراء التفتيش العادي للبضاعة العادية, وبالتالي تدخل الحمير البلد و الخمور في بطنها؟؟ و تُعطى الحمير بعد ذلك أدوية ملينة للمعدة فتصاب بإسهال شديد تخرج معه زجاجات الخمور الباريسية المعتقة و التي نبيعها بأسعار خيالية للناس "إياهم"..
نظر الحمار إلى القرد, حك أنفه وهز رأسه.... ولكن لم تخبرني ما هو نصيبي في الصفقة ؟؟؟
ابتسم القرد, رفع نظارته عن عينيه, مسحها بقطعة قماش أخرجها من جيب سترته وبينما هو كذلك قال: لك النصف!!! مد الحمار يده للقرد و قال إذن اتفقنا.
أعلن الحمار عن الصفقة للحمير, فرحت الحمير على هذا العرض وبدأ العمل .
خرج الألف حمار في مهمتهم لجلب البضائع و كانت تصاريح الاستيراد جاهزة و في كل تصريح صورة جميلة للحمار كان كل واحد منهم يخرجها من جيبه لينظر إليها إذا ما أحس تعبا أو بعضا من تعب في سفره الطويل.
عادت الحمير تحمل على ظهورها البضاعة و في بطونها زجاجات الخمور الفرنسية المعتقة و اجتازت الحدود بسلام ووصلت إلي مربطها وكان الزعيمان في الانتظار...
حطت القافلة و تم تفريغ البضاعة, و جاء الآن دور تفريغ الخمور المعتقة, شربت الحمير العقاقير المعدة لها, لم يصب أي منها بالإسهال, مر يوم... يومان...ثلاثة, بدأت الحمير تشكو من ألم في بطونها, مات بعضها, انتحر البعض الآخر من شدة الألم, تحمل البعض الألم, قرر الزعيمان بقر بطون الحمير المتبقية لإخراج زجاجات الخمور الفرنسية المعتقة......

محمد رمضان ـ فلسطين