ماهر عبد الله

ماهر عبدالله نجم في سماء الأمة
بقلم : محمـد رمضـان


ماهر
من جنين يطلع علينا كالقمر
ماهر يسافر في جروح الوطن
ماهر يمسك منديل النسائم
و يمسح دموع اليتامى
و الثكالى
و أزهارا في وطني
هدها الجوع و الفقر

ماهر
يجوب بلاد الثلج
و مدن الضباب
و يكتب بالعرق
ملحمة في جنين
و نابلس و غزة
و في شرايين الوطن

ماهر
لم تكن فقط في قطر
كنت في رمل فلسطين
و حب فلسطين
و موجها و صخرها و بحرها
في نجومها و أقمارها

ماهر
كنت في كل بيت هنا
لك في بيوتنا يد جميلة
تمسح دمعة من حزن
تسيل على خدود الوطن
و على خدود طفلة في عرابة
و أم النور
بلوراتك المتألقة
في قلب فاكهة الأرض
تسكب زيتا في شمعدان الشجر
تزرع الورد في حضن الفراشة
تفرك الرمل و الزيت
تمسك النجم
تزرعه في ربوع البيت

ماهر
في بلاد الثلج سرنا معا
و طفنا شوارع الوطن الذي يسكن قلبك هناك
طفناها شارعا شارعا
و منزلا منزلا
نسأل عن طفل
يبحث
عن قلم من رصاص
عن حقيبة مدرسية
لا يجدها في وطن الأعراب
تبحث أنت عنها
تجمع ذراتها
ذرة ذرة
تجمع خيوطها
تغزلها ترسلها لحبيبك في الوطن

ماهر
قد لا يعرفون من أنت
و قد لا تعرفهم أنت
لكنك
زرعت البسمة على قسماتهم
زرعت الأمل في عيونهم
زرعت الحب في قلوبهم
زرعت القمر في سمائهم
هاهم اليوم يكبرون
في غزة و في جنين
يسطرون بأرواحهم
ملاحم البطولة
و سفر الرجولة
و الأعراب نائمون
و لا يستيقظون

ماهر
عرفتك في مدن الضباب
تجوب عروقها
و حواريها
تبحث عن ثوب
لتلبسه زهرة يتيمة
تبحث بين حبات الضباب
عن ورود و لآلئ
تزين بها عروسا في غزة
تبحث عن بقايا الوطن
في جذور طارق
فالمسك ما زال هناك
كثير
وراء البحر يصلي

ماهر
لا أرثيك
و أنت اليوم تلتقي شهداء الوطن
كانوا لا يعرفونك و لا تعرفهم
و اليوم
يعرفونك أكثر مما تعرفهم
هناك في عليين
في مقعد الصدق
عند المليك المقتدر

ماهر
من نفس العرق أنتم
من نفس الروح أنتم

أبا أسامة
لا أرثيك بل أرثي فيك أمة
و أنت تنزف جروحها
و تلعق الهم المر من بين ثناياها
و الحزن المرسوم
على و جنتيك
و يغتال عينيك
و الشيخ المشفق عليك
يقرأ حروف الحزن
حرفا حرفا
تنثال من بين شفتيك

أبا أسامة
لا نقول وداعا
بل إلى لقاء

* إلى الأخ و الصديق الصحفي ماهر عبد الله مقدم برنامج "الشريعة والحياة" في قناة الجزيرة الفضائية الذي وافته المنية الليلة الماضية إثر حادث سير مروع وقع في العاصمة القطرية الدوحة.

محمد رمضان ـ فلسطين
mohammadramadan2000@yahoo.co.uk