أشلاء عروستين
بقلم : محمد رمضان


في بيوت تطايرت أشلاؤها و ذنبها الوحيد أنها تقاتل و تعشق الحرية و تحب الهواء و تغني و تنشد أسماء الشهداء كل صبح و كل مساء
و تنتظر الفجر القادم و الأرانب البرية و العصافير و الفراشات تسكن جنبا إلى جنب مع الورود و الزهور

ولم يكن أحد يعلم أن الموت كان يسكن هناك عند جنازير الدبابة الكريهة التي تمد خرطومها البشع كل حين و في كل اتجاه, و بقلبها الخبيث تتقدم صناعة الموت و الهدم و القهر, و سلوى البريئة تحفظ دروس الغد, و تسبح بعيدا و تبكي إذا ما نفث الخرطوم البشع حقده و ناره و حديده المصهور و الصاهر,
- يا الهي من يحتمل هذه النار, تتذكر زميلتها ابتسام و كيف أضحى رأسها أثرا بعد عين, و قد جمعوا بقاياه على مدى أسبوعين كاملين, و دفنوا جسدها الغض عشر مرات,

احتضنت قطع الحلوى الصغيرة و بيضة مسلوقة, أعطتها إياها جدتها لأمها كي تأخذها معها إلى المدرسة في الصباح و تطعم صديقاتها, و تفطر على البيضة المسلوقة و قد رشتها بالزعتر الشهي,
- سأطعم صديقاتي من الحلوى و أقسم البيضة عليهن جميعا, اشتهي هذه البيضة و زعترها و زيت الزيتون, متى يأتي الصباح, لآكلها و أفرح بها و تفرح زميلاتي, سوف آكلها في الطريق إلى المدرسة, لا سوف نأكلها في المدرسة و سوف أعطي معلمتي منها, فهي تحبني و أنا أحبها,

وضعت ابتسام الحلوى و البيضة بجانب الوسادة, نظرت إليها, شمت رائحتها, اشتهتها, احتضنتها, غفت الفراشة الصغيرة, سبحت مع الملائكة في طهر و براءة, حملتها الفراشة على جناحيها نحو القمر, نظرت من هناك, رأت الأرض صغيرة و جميلة و رائعة,

قالت للملائكة: دعوني أنظر إلى بيتي في مخيم رفح,
نظرت, رأت الخرطوم البشع يصب ناره على بيتها الصغير,

صرخت بأعلى صوتها, لا لا لا تحرقوه هنا تسكن أمي و أبى و أخوتي و أخواتي, هنا قطع الحلوى و البيضة المسلوقة, أريد أن أطعم معلمتي و صديقاتي, لا لا...... ,

محمد رمضان ـ فلسطين- خانيونس
mohammadramadan2000@yahoo.co.uk
الثلاثاء, 14/5/2005