أنـقـذوا غـزة
بقلم : محمد رمضان


ما يجري في غزة الآن يضع الكثير من النقاط على الحروف و هي رسائل عاجلة و ساخنة إلى أطراف متعددة أولها السلطة الوطنية الفلسطينية. إن ما يدور من أحداث عاصفة كالخطف و التظاهر ضد الوضع الداخلي إنما يدل على أن الأمر قد نحا منحى خطيرا في العلاقة ما بين السلطة و المواطنين.
إن على العقلاء في القطاع و خارجه و كل الحريصين على مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني أن يتنادوا حالا لوضع حد و بسرعة لما يجتاح غزة من انهيار ليس فقط في الوضع الأمني بل في كافة المجالات.
إن هناك من كان يراهن على اقتتال فصائلي, و بصراحة فإن الاحتلال كان دوما يسعى إلى الوصول إلى هذا الوضع, لكن عقلانية الفصائل و التزامها نهجا وطنيا صادقا قد خيب آمال اليهود المتربصين بنا دائرة السوء.
و اليوم نجد أناسا مخلصين لا سبيل أبدا للطعن في إخلاصهم و تفانيهم و حبهم لوطننا الأبي, وهم إن كان قد لجأوا إلى هذا الأسلوب فإنما لفرط الإخلاص و ربما بعد أن تنكبت بهم السبل. إن من يحيا في غزة يدرك مدى التردي الذي وصل إليه المواطن العادي و البسيط من محاربة له في لقمة عيشه و عيش أطفاله.
أنها الحرب الضروس التي يشنها احتلال بغيض و ماكر و قاتل بالاغلاقات و الاجتياحات و التدمير و الاغتيال إلى ما غير ذلك من وسائل لا تخفى على بعيد أو قريب.
الجميع يقر أن هناك فسادا و إفسادا لكن هذا لا يعني الوقوع في الشرك المنصوب, إن الأمر في حاجة إلى رسائل تصل إلى الجميع و يفهمها الجميع, ولا ينبغي أبدا أن يتغير اتجاه البوصلة الفلسطينية, إن لها اتجاها واحدا و الجميع يعرفه.
ان التخلص من الفساد و الفاسدين و المفسدين هو مطلب جماهيري فلسطيني عام لا ينكره صاحب بصر و بصيرة. و نحن نعتقد ان جرس الخطر الذي دقته هذه الاحداث يعتبر كافيا لاجراء التغييرات الضرورية و الملحة ووضع كل شيء في مكانه الصحيح.
أنقذوا غزة قبل فوات الأوان, و الجميع يعرف ما هي الطرق و الوسائل التي يجب انتهاجها لإنقاذ غزة البطولة و الشرف.
غزة اليوم على مشارف كمين صعب, ووضع خطير, و حفرة هاوية و منزلقات لا يعلم مداها إلا الله.
غزة التي شيبت اليهود حتى صرخوا و صار شارون يدور حول نفسه كالمجنون و يقول "أخرجوا منها" و غزة التي قال عنها رابين يوما "أتمنى أن أصحو من نومي فأجد غزة قد غرقت في البحر" .
غزة التي علمت جنود الاحتلال من هم ؟؟ حتى صار أحدهم اذا غضب قال "اذهب إلى غزة" بدلا من "اذهب إلى جهنم".
غزة هي التي أنجبت أنجع صواريخ العروبة فأقضت مضاجع بني اسرائيل حتى غدوا لا يطيقون نسائم تعبر اليهم من بحر غزة الرقيق.
غزة هي بوابة الوطن و الركن الركين الذي يأوى إليه المخلصون و المتعبون و المرهقون.
غزة هي الجرح الذي تسكن فيه فلسطين, فأنقذوا غزة كي تنقذوا فلسطين.

محمد رمضان ـ فلسطين