مـحمد رمضـان

جدي يتنفس الزيتون و الزعتر
بقلم : محمد رمضان


خمسون ألف عام و أكثر....
و جدي....
يتنفس الزيتون و الزعتر...
يمتطي نسمات الهواء تسافر... تتبختر
من روح البحر....
إلى قلب الأرض الحنون....
يمسك فأسه ذا اليد المصنوعة من خشب اللوز الناعم....
يعزف على الأرض بفأسه....
يتقاطرعرقه تحت الزيتونة ....
ترتوي.. تضحك ... تغني...
و هو يطرب...., أكثر.. وأكثر
يحني ظهره مقبِّلاً الأرض ثم يمسك الفأس ...
و يغني بعوده الأخضر...
تتمايل الزيتونة ذات اليمين تارة.... و تارة نحو خده الأيسر....
يضع يده على خصرها....
تميل نحوه .... تضع يدها على كتفه....
ترمي برأسها .... على كتفه الأخرى....
تتطاير خصلات شعرها على جسده الأسمر....
تصب عبق نوارها على وجنتيه....
تميل بخدها الأنضر....
نحو وردتين مزروعتين على شفتيه....
يخجل ....
يشيح بشفتيه...
إلى بلورتين بعينيها......
يحدق فيهما... و ينظر....
أهذا مكان القبل؟؟؟

تضحك... ترقص... تتمايل...
تمد سلم جيدها إلى السماء ....
تعانق الشمس .... تغازلها.....
تعود مرة أخرى....و الشمس بيدها
تتمطى بجيدها .....
تضغط على خصره النحيل بيديها السمراوين...
تسمع عزف عظامه قد أضناها الكدُّ....
تلثم شفتيه... تطبق عليهما..... تلعق رحيقا بفمه....
تمسح بلسانها عرقا يفيض من جبينه مسكا....
يستسلم لها استسلاما....
يستلقي في حضنها....
تسكب عليه عبرات الهوى....
تتساقط من روح عينيها الهائمتين في وجنتيه....
تمسك عوده المصنوع من خشب اللوز....
تشدو به .....
تداعب العودَ أناملُها الرقيقة.....
تنساب من بين شفتيها....
و من بين أناملها ألحانٌ.... ما أجملها...
تسري بروح نسمات عليلة...
تراقص الكون....

يفتح عينيه...
يرقص مستلقيا على صدر زيتونته....
تغطي وجهَه و جسدًه أوراقُها و النوار.....
تتزركش ملابسه بالأبيض و الأخضر ....
يزداد جمالا و أبهة و حسنا في عينيها الباسمتين....
تتجمع البلابل و العصافير حول الزيتونة العازفة....
تنشد معها.... ترقص..... تقفز.... تجري .... تلعب....

و الزيتونة تذوب في عزفها...
و نسمات الربيع تراقص أغصانها ...
و الحساسين الجميلة ارتدت أحلى ثيابها...
و صارت تتنقل من غصن إلى غصن...
فاكتست الزيتونة... بألوان العصافير و الحساسين و البلابل...
يزينها نوار الزيتون الأبيض....
و أوراقها الخضراء....
و بقايا درر الندى المعلقة بآذان الأوراق و الأغصان....
عقد من لآلئ الندى يحوط جيدها....
ينساب في خيلاء على بلور صدرها......

صحا جدي من إغفاءة على صدر زيتونته الحبيبة....
أدار عينيه يمنة و يسرة....أعلى و اسفل.....
أناشيد.... موسيقى... ألحان....عزف ....
صاح فيمن حوله....
أعرس هنا...؟؟؟؟
أجابته أوراق الزيتونة و أغصانها....
و الفأس و الأرض و الشجر....
و العصافير و الحساسين و الطيور...
و نسائم الهواء الراقصة.....
و الشمس و النجوم و القمر...
وكل شيء حوله... يرقص و يغني و يعزف....
نعم :
عرس هنا.....
"عرس عودتنا" ......
إلى زيتونتنا........

محمد رمضان ـ فلسطين

تاريخ النشر : 20:39 27.07.04