العيون العسلية
بقلم : محمد رمضان


رفعت صوتها نحو الشمس,
نفضت روحا كانت تختبئ في جسدها الغض الطري,
صرخت في الشمس بأعلى ما تملك من مكبرات الصوت الساكنة في حنجرتها, استجابت لها كل الحناجر و العيون و الآذان و هتفت:
- كلنا فداؤك يا أقصى
برغم أن "أسماء" لم تزل في ربيعها الثامن إلا أن العيون أخذت تهتف وراءها دموعا ساخنة, و الأرواح تصلي في الملكوت الأعلى, ما هذه الآلاف المؤلفة التي تحمل أرواحها و تقذف بها إلى السماء تعلن شوقها إلى الجنان:
يا الهي من هؤلاء الفتيات اللينات الجميلات الرائعات ذوات العيون المتوقدة تعاند الشمس في عز ظهيرتها و لهيبها و احتراقها و نيرانها القاذفة,
كيف تستحمل هذه العيون العسلية و البنية و الزرقاء و الخضراء أن تصمد ساعات في حر الدم العربي المسفوك, و الأمة لم تزل في سباتها لا تحرك ساكنا أو تغير واقعا, و جيوش هامدة خامدة تحمي كراسي من ورق مهترئ يتنازعون عليها و يقبلون بكل أنواع المذلة للحفاظ عليها,
يا الهي, تهتف الشمس معهم, تستجيب لهم, تصعد "أسماء" نحو الشمس على جناحيها الطويلين يمتدان ضفيرتين ترفرفان بين الغيوم,
تتجاوز غيمات قليلات كن يحجبن الشمس عن آلاف العيون الرائعة التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها, و هي تسكب دموعا و رحيقا, تجمعه الفراشات الطائرة في السماء, تعود به و تسقي أرواح الشهداء الذين قضوا في رحاب الأقصى و ما حوله,
عادت أسماء في يدها الآلاف من حبات زيتون الشمس, و الزيتونات ترتل سورة الإسراء, نظرت كل العيون إلى جيش الزيتون القادم من قلب الشمس, اصطفت الزهرات و الفراشات اليانعات صفا طويلا كالبنيان المرصوص,
حطت أسماء على الأرض الطيبة,
أعطت الفراشات و الغزالات و الزهرات حبات من زيتون,
أضاءت حبات الزيتون المباركات لهن الطريق نحو مسجدهن الأقصى:
قالت أسماء: أين الأسلحة التي بال عليها الصدأ؟؟؟؟؟؟

محمد رمضان ـ فلسطين- خانيونس
mohammadramadan2000@yahoo.co.uk
29/05/2005