جنينُ تعدُّ عصافيرَها.. مرتين
شعر: ناصر ثابت - كاليفورنيا
30 أيار 2004


(1)
سناً
فوقَ هذا الصَّباحِ المُطيَّبِ بالأمنياتِ
رأيتكِ فوقَ ذراعي،
كما يتشابكُ حلوُ العناقيدِ مع رقةِ الكَلِماتِ
سناً
والعصافيرُ تقفزُ قفزاً أمامكِ
إن الذي يتبادرُ في ذهنِكِ الطفلِ أجملُ ما في حياتي
أراكِ تعدينَ هذي العَصافيرَ بالحُبِّ والهَمَساتِ
- "ألم نتفقْ مرةً يا أبي،
أن تعلمَني كيفَ أرقصُ مثلَ العَصافيرِِ
أنظرْ
أريد لشَعْريَ أنْ تتألقَ أطرافُه
مثلَها في الظلالِ
و في الأغنياتِ"
أفكرُ:"كيفَ ستهربُ هذي الصغيرةُ منيْ
إذا جاءَ يومٌ
وزينها اللهُ بالأجنحةْ
لتُغرقَ قلبيَ بالحَسَراتِ"
أخاطبُها:" يا جنينُ، يدايَ تصيرُ بحاراً من الحبِّ
إن لامستْ شفتيكِ
كأنيَ عَبَّئتُ كلَّ سلاليَ بالثمَراتِ..
فلا تؤلميني
بنار الرحيلِ
وهمهمةِ العَبَراتِ.."
- "أبي،
أنتَ تخشعُ دوماً لما أتمنى
إذن، هل ستجمعُ لي بعضَها بينَ كفَّيَّ
هل ستحققُ لي رَغَباتي ؟
أبي،
صوتُها ساحرٌ
وتفاصيلُها ساحرة،
وتحليقها عند وجهيَ يطلقُ لي ضحكاتي"
بكيتُ وقلتُ:"اتركي للعصافيرِ أفراحَها يا جنينُ
فإن تألقَها بهجةُ في السماءِ..
وفي الطُرُقاتِ.."
فقالت: "سأُسقِي براءَتها من شفاهي،
وأعبثُ مع ريشِها في بحيراتِ صدري،
وأمنحُها الفرْحَ والبسَماتِ.."
(2)
-"ألا يا ابنتي،
أنتِ رائعةٌ مثلَها
إنها بعضُ ما يتطايرُ في الكونِ إذ تضحكينا
وهذا الفضاءُ الكبيرُ تكوَّنَ من مسكِ تغريدِها
حين توقظُه.. إذ يكونُ حزينا
فهلا تركتِ لهذي العصافيرِ أفراحَها يا ابنتي
إنها لا تحبُّ سوى أن تغرّدَ في عالم الحقِّ
هذا الذي يتشكَّلُ من لغةِ الطيبينا.."
-" وما فرْحُها يا أبي ؟"
قلتُ:"حريةُ..
وفضاءٌ رحيبٌ
ورقصٌ يلونُ صوتَ المَساءِ جنونا.."
***
رأيتُكِ يا طفلتي،
في الذي سوفَ يأتي
رأيتكُ في ثورة الثائرينا..
سيصبحُ نخلُ العراقِ وجوهاً
بحريةٍ كالعصافيرِ
يحملُها الشهداءُ بعشقٍ
كما تفعلينا..
سيأتي صباحٌ..
تغنينَ (يا طفلتي) كالفراشةِ
بين الحقولِ وأحلامِها
في "جنينا"
***
تملَّكها الصمتُ
صارتْ تَعدُّ عصافيرَها من بعيدٍ
وتمسحُ أحزانَها
والزنابقََ
والياسمينا
بدمعٍ حزينٍ
يغلّفُ وجنتَها والعيونا..


  • تفضلوا بزيارة موقع الشاعر ناصر ثابت على شبكة الإنترنت nasserthabet.com