مركز ويزنتال يستخدم حق النقض الفيتو في معرض فرانكفورت
بقلم : نضـال حمد ـ اوسلـو

لا شك أن معرض فرانكفورت للكتاب يعتبر من أهم المعارض الثقافية التي أقيمت أو ستقام هذا العام. خاصة انه يركز هذه السنة على الكتاب العربي والثقافة العربية. وهذا مهم للعرب ووجههم الحقيقي لأنهم أصبحوا منذ عمليات 11 أيلول تحت المجهر، وتعرضوا لحملات تشويه و ملاحقة ومراقبة لا مثيل لها منذ زمن محاكم التفتيش في أسبانيا بعد سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس.واختلفت حالتهم من بلد إلى آخر بحسب حوادث الإرهاب ومكان حدوثها وبسبب حدة التهديدات والعمليات أو شراكة تلك الدول في الحرب على ما يسمى بالإرهاب.

حرصت كافة الأقطار العربية على المشاركة في المعرض بوفود تمثل وجهة النظر الرسمية وليس الوجهة الثقافية الحقيقية ولا الإبداعية. لذا فالقسم الأكبر من المشاركين العرب هم من ببغاوات السلطة والسلطان. أما الكتب المعروضة فكثيرة ومنوعة وعديدة، حتى أن 15 كتاباً منها أثارت حفيظة مركز سيمون ويزنتال الصهيوني الذي يدافع عن المصالح اليهودية، إذ اتهم المركز تلك الكتب بمعاداة السامية والدعوة لتدمير إسرائيل، وقام باستعمال حق النقض الفيتو على تلك الكتب، أسوة بأمريكا التي تستعمل حق النقض الفيتو على أي مشروع قرار يدين إسرائيل. ومعروف ان مركز ويزنتال كان السبب المباشر في منع عقد المؤتمر العربي الإسلامي الأول في أوروبا حيث كان من المفترض أن يعقد في الأول من أكتوبر الجاري في العاصمة الألمانية برلين، وقامت السلطات الألمانية بتوقيف منسق عام المؤتمر اللبناني فادي ماضي وإبعاده إلى لبنان بعد سحب الإقامة منه. ولكي لا يستغرب القارئ نقول أن هذا حدث ويحدث الآن في كل أوروبا بالإضافة للأمريكيتين واستراليا.

إذا ما أضفنا لذلك التهيدات التي يطلقها البعض ضد الدول الأوروبية فأن حال العرب والمسلمين في أوروبا ودول المهجر لن يكون أحسن من حال أهاليهم في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان والسودان. فالتهديدات لا تفيد والعمليات الإرهابية ضد المدنيين تضر وقد اثبت التجربة عقم ذاك النهج وعدم جدواه في تحسين صورة العربي او المسلم. بل زادت حياته مصاعب وتعقيدات ولا أمان ودخول في المجهول. وقد يكون لمعرض فرانكفورت ردود فعل ايجابية نحو العرب والمسلمين، خاصة أننا في أوروبا نعيش في مجتمعات ديمقراطية تحترم العقل وقيمة الرأي والرأي الآخر والإنسان، أضف لذلك ان الدعاية الصهيونية لم تعد فعالة كما في سابق عهدها، خاصة بعد فضائح الإجرام والإرهاب التي تمارسها حكومة إسرائيل بشكل يومي في فلسطين المحتلة. وأوروبا تعرف كيف تميز بين الإرهاب والكفاح المشروع و العمليات الإجرامية و الإرهابية لبعض الجماعات والأنظمة السياسية، وان هي تراجعت عن موقفها بعض الشيء فذلك بسبب كثافة الضغوط الأمريكية والصهيونية وبسبب تزايد حدة العمليات الدموية التي تطال المدنيين في أوروبا والعالم، وبالذات عمليات ذبح المخطوفين وقطع رؤوسهم على الهواء مباشرة.

معرض فرانكفورت للكتاب العربي لا بد ان يخرج بشيء ما يعيد للعربي قيمته وسمعته النظيفة كمبدع وأديب ومثقف وليس كإرهابي ومجرم ومطارد وملاحق، خاصة أن العرب ضحايا الأجرام والسياسة العدوانية والدعاية الإعلامية البغيضة التي تصورهم قتلة ومجموعة من المجرمين والإرهابيين، وأكثر من ذلك تحاول ربطهم بالإرهاب مباشرة وبكل عمل إرهابي في هذا العالم. مع العلم ان الإرهاب دخيل على العالم العربي وقد بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا منذ الاستعمار والاستعباد والاستغلال للشعوب والبلدان الأخرى. ويذكر ويعرف الأوروبيون كيف كان العرب عندما فتحوا بلداناً أوروبية عدة، فقد دخلوها ولم يدمروها بل حافظوا عليها وتركوا عمرانها ومؤسساتها وأنظمتها ومن ثم بنوا الدولة وأسسوا للنظام العادل بالعقل لا بالقتل.

هناك في أوروبا أيضا من يتطاول على الإسلام والمسلمين ونبيهم المصطفى بشكل حيواني، كما فعل السياسي النرويجي رئيس الحزب التقدمي المسيحي (العنصري) كارلي هاغين قبل فترة، وقد يكون لكلام هاغين عن الرسول وشتائمه علاقة بتهديدات ايمن الظواهري للنرويج مؤخرا. لكن ورغم هذا يقول المسلمون في النرويج أنهم لا يؤيدون تهديدات الظواهري ويرفضونها جملة وتفصيلا. لأنهم جزء من هذا المجتمع المؤيد للقضية الفلسطينية بشكل لا مثيل له في أوروبا. ومن يريد خدمة قضية فلسطين عليه الابتعاد عن التهديد والوعيد لشعب مناصر ومؤيد للفلسطينيين.

هذا وعرف من الكتب الممنوعة كتاب عن الشيخ احمد ياسين بثلاثة أجزاء اتهم انه يدعو لتدمير إسرائيل ويثني على الشيخ احمد ياسين. كما أكد شمعون صموئيل المسئول عن الارتباط الدولي في مركز ويزنتال أن بعض الكتب تنتهك القوانين الألمانية التي صدرت بعد المرحلة النازية والتي تمنع التحريض على الضغينة. والغريب ان نفس هؤلاء يُعتبرون جزءا من النظرية الصهيونية التي تحرض على العنصرية والكراهية والضغينة والإرهاب ضد العرب والمسلمين. وهنا يجب التذكير بالبيان الذي صدر في الصيف المنصرم عن 15 مثقفاً عالمياً بارزاً يدين السياسات الإجرامية الإسرائيلية ويطالب الحكومة الإسرائيلية بوضع حد لاضطهاد الفلسطينيين حيث أشار الموقعون عليه الى انه "عندما يلامس شعب قاع الإذلال والمعاناة، وعندما يذبح ابناؤه يوماً تلو آخر، ويرى الأمل يضيع لمصلحة مستقبل غامض، فإنه يتعين علينا اعلان تضامننا معه". وقد وقع الرسالة مهندسون معماريون ذوو شهرة عالمية، منهم ألفا و سيزار وادواردو سوتو مورا، وكذلك كتاب منهم خوسيه ساراماغو الحائز على جائزة نوبل للآداب، ماريا فيخلو داكوستا وماريو كارفالو ويوربانو تافارس رودريجيز. لكن قد يكون ما يحق لليهودي لا يحق لغيره.. خاصة في ألمانيا.

نضـال حمد ـ اوسلـو
12-10-2004