عدنان الغول سيف القسام المسلول
بقلم : نضـال حمد ـ اوسلـو

لا شك ان استشهاد القائد المجاهد عدنان الغول و رفيقه القائد عماد عباس خسارة فادحة للمقاومة الفلسطينية ، لأن كلاهما من القادة الميدانيين ، المصنعين للمتفجرات ، والمخترعين للصواريخ القسامية الفعالة في حرب تحرير غزة أولاً.. فالأول من الوزن الثقيل جدا في حماس ومن المستوى القسامي الأول على غرار يحيى عياش وابو هنود والشريف وصلاح شحادة ... والثاني ايضا من المجاهدين الذين عاهدوا الله على تحرير فلسطين، ولم يحيدوا عن عهدهم.

لقد كانت الغارة الصهيونية التي ادت لاستشهاد الغول وعباس غارة ناجحة ودقيقة جدا أيضا، ولعل عوامل كثيرة تتداخل في هذا الموضوع منها الميداني والمخابراتي والصدفة. فقد يكون الرصد الصهيوني نجح بعد سنوات من مطاردة الشهيد في رصده واستهدافه بدقة، كما قد يكون احد العملاء استطاع الوصول اليه والإبلاغ عن مكان وجوده بواسطة أجهزة متطورة وحديثة، وقد يكون تصادف وجوده أو مروره في تلك المنطقة مع وجود أو مرور عميل او مخبر ماأ أو مع تحليق لطائرة تجسس ورصد في سماء القطاع.. لكن في كل الحالات فأن الجريمة حدثت والخسارة كبيرة والضربة موجعة والرد يجب ان يكون موجعا ومميزا عبر استهداف البنية الأمنية والعسكرية والمخابراتية للاحتلال في كل فلسطين المحتلة.

لقد كان الشهيد عدنان الغول سيفاً مميزاً من السيوف القسامية المسلولة بوجه أعداء فلسطين والحياة،وكان يداوي الداء بالدواء ولا يهادن، بتار في حده ومرفوع بوجه أعداء الحياة وفلسطين. رافق الراحل المهندس يحيى عياش في رحلة الثورة المستمرة والعمليات الضاربة ضد الاحتلال، وبعد استشهاد قائد القسام ومهندس حماس يحيى عياش في عملية اغتيال منظمة يوم الخامس من يناير/ كانون الثاني 1996، ثم تحول الغول من مساعد الى قائد يحمل الهم والمسئولية وكان على قدر مسئوليته، مناضلا ومجاهدا آمن بالثورة والمقاومة سبيلا وبالكفاح المسلح والجهاد طريقا مقدسا لاسترداد البلاد وعودة العباد. كما ان الشهيد عماد عباس ليس أقل قدرا من الشهيد عدنان الغول لأنهما معا كانا يشكلان ثنائي قسامي لا يعرف الكلل والملل، يجاهدان سرا وعلانية في سبيل القضية. إن خسارتهما في ضربة غادرة لا بد ستؤثر في المقاومة قليلا لكنها ليست الضربة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تتعرض لها المقاومة الفلسطينية عموما وحركة حماس خصوصا. لذا فقد اعتادت المقاومة على التضحية بقادتها وكوادرها ومجاهديها من اجل ان تستمر المقاومة ويستمر الجهاد في سبيل دحر الاحتلال عن ارض فلسطين وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.

كان الصهاينة يعتبرون الغول وعباس من أهم خبراء المتفجرات وتصنيع صواريخ القسام التي جعلت من شمال قطاع غزة جنوب لبنان جديد. وقد وضع الصهاينة نصب أعينهم تصفية قادة وكوادر حماس والمقاومة الفلسطينية بكل تلاوينها أملا في وضع حد لاطلاق الصواريخ ولعملية تصنيعها. هذا وكان خبراء المتفجرات من الفلسطينيين على رأس قائمة المطلوبين للتصفية، خاصة ان هؤلاء كانوا بالنسبة للصهاينة مسئولين عن العمليات الاستشهادية والقصف الصاروخي،وكان لا بد من تصفيتهم عاجلا أم آجلا. وهذه العملية الغادرة التي أودت بحياة الشهيد الغول وهو من ابناء وسكان حي المغراقة في جنوب قطاع غزة ،لم تكن الأولى لكنها كانت الأخيرة، فقد تعرض في السابق لعدة محاولات اغتيال إسرائيلية فاشلة، و كان من أقدم المطلوبين للصهاينة حسبما اعلنت مصادر في حركة حماس. وكان الصهاينة في محاولات اغتيال سابقة استهدفت عدنان الغول وفشلت، تمكنوا من قتل اثنان من أبنائه هما بلال (2001) و محمد مع ابن عمه (2002) ، كما قاموا بتدمير منزل الغول في عملية خاصة.

ان الجنازة المهيبة والضخمة للشهيدين الغول وعباس تعتبر استفتاءا فلسطينيا جديدا على نهج المقاومة وتمسكا بالخط المقاوم الذي يرفض التسليم للمشروع الصهيوني الأمريكي. وما خروج مئات الآلاف من الفلسطينيين في تشييع الشهداء سوى الدليل القاطع على ان هذا الشعب لازال بخير وأن المقاومة لازالت بخير وأن على السلطة الفلسطينية ان تنهض من نومها وتضم جهودها لجهود الآخرين وتقدم مشروعاً جدياً للوحدة الوطنية يضم الجميع بشكل جدي وعملي لا صوري، ويكونوا في إطار جبهة وطنية عريضة تقود نضال الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الوطنية الحاسمة والعصيبة من عمر فلسطين، مرحلة الصراع على كل الجبهات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والتطبيعية والتثقيفية. وأفضل حل للقيام بهذه المهمة يبدأ بحلّ السلطة الفلسطينية وإعلان تشكيل قيادة طوارئ وطنية إسلامية تقود الشعب الفلسطيني في السلم وفي الحرب عبر تمسكها بالثوابت الوطنية وعبر التعامل مع الواقع الإقليمي والدولي والمحلي بعقلانية.

ان الوفاء للشهداء يكون بتصعيد نهج الجهاد والكفاح وبرص الصفوف وتفويت الفرصة على الأعداء وبرامجهم المعدة لتخريب وهدم الساحة الفلسطينية من داخلها. كما يكون بالالتزام بمبادئ المقاومة وبمواصلة المسيرة حتى تعود فلسطين الى شعبها ويعود اهل فلسطين اللاجئين الى أرضهم المحررة ودولتهم المستقلة. هذا هو مشروع الجهاد والمقاومة الذي مثله كل شهداء مقاومة شعبنا منذ انطلقت في نهاية الخمسينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا.

نضـال حمد ـ اوسلـو
22-10-2004