الطغاة !!
خـالد عـويس _ الرياض
11:28 01.10.02

** لا يولد الطاغية وفي يده السوط و(أدوات القمع) ،، هذه (مفردات) تزوده بها دوائر (غير رسمية) عدة من طفولته تتدرج من التربية المفرطة في الانغلاق أو الموغلة في التدليل حتي يشعر الطفل بأنه مركز الكون أو يتعمق فى داخله احساس بالتهميش الكامل وقلة الشأن ، الي المدرسة التي تقمع طرائق التفكير المستقلة وتمنع حرية التأمل وصولا الي المجتمع الذي يفرض عليه مرئيات تتخذ شكل القداسة واليقين ويلقي في روعه بأن القيّم ، كل القيّم استعارية وأنها (للاستهلاك) و... التسلق !

** في داخل كل منا _ نحن العرب_ طاغية صغير ، كامن ، اذا سنحت له فرصة السلطة (حتي لو كانت علي باب مشفي لتنظيم الدخول) ، انقلب الي طور (النشاط الديكتاتوري) ، وسحق الآخر تماما !

** الطغاة يتسترون بالديمقراطية ايضا ... هذا النوع من الطغاة أكثر خطرا ، لأنه يوظف ثقافته من أجل طموحات (غير مشروعة) ومستعد لبيع نفسه للشيطان بغية تحقيق مراميه !

** هذا النوع أشد فتكا بالرأي الآخر ، لا يعتد به ، ولا يأخذ بالاعتبار انطوائه _الرأي الآخر_ علي جزء من الحقيقة ، فرأيه هو الحقيقة الكاملة ، لأنه ملك مفاتيح المعرفة وحاز أدواتها ، و(الآخر) بنظره ..مجرد ديكور يسند اليه دورا تكميليا لتحسين الصورة اللامعة ، وصقلها ، ولابد أن يسحله كي يظل الأقوي والأكثر منعة !!

** هل (الحكام) وحدهم طغاة ؟؟

** ونحن ...؟

** الديمقراطية ليست أقوالا ، انها (ايمان) عميق والتزام تجاه النفس أولا بأن الواحد منا يلزمه قدر من الشفافية ومصارحة النفس بأخطائها والاعتراف بما أرتكبناه تجاه أنفسنا ، وبحق الآخرين !!

** ليس بالضرورة أن يكون ما أرتكبناه بحق الآخرين (جرما عمليا) ... ما أكثر الجرائم التي نرتكبها باسم القيّم والفضائل !!

** .... من منا لم يشارك في صناعة طاغية ، ومن منّا لم ينسخ نفسه عن طاغية ؟

** أتعجب (جدا) حين ينذر أحدهم حياته من أجل محاربة الاستبداد ، وتاريخه يحفل بالمساندة الفعلية للاستبداد ، ويجد الجرأة الكافية لأن يسوّغ لنفسه المبررات كافة التي تمكنه من حشر نفسه في محيط ديمقراطي لينقلب بين ليلة وضحاها من ذراع باطشة للطغيان الي (داعية حقوق انسان) !!

** أمر يدعو للحيرة في عالمنا العربي .... (عرّابو الطغيان ... هم أنفسهم عرّابو الديمقراطية وحقوق الانسان) ، هل الديمقراطية في عالمنا العربي هي الوجه الآخر للديكتاتورية ؟

** ليس في العالم العربي (موقف مبدئي ) ... هناك دائما (أنصاف الحلول) ولكأنها بضاعة عربية !

** لكن (المباديء) هي السلعة الأكثر رواجا في الاسواق العربية !؟

** ولا زلت أتساءل ..هل الحكام وحدهم الطغاة ..؟

** ولا زالت الصحراء من المحيط الي الخليج تصرخ : كلا !!

** الطغيان هو ارثنا .. وحاضرنا ومستقبلنا ، هو شىء في جيناتنا نحمله من المهد الي اللحد ، هو مزروع في منابرنا وسمرنا الليلي وخواصرنا وخيمنا !!

** كل الطفرات الوراثية لم تجد ..!

** كل محاولاتنا اليائسة لم تجد ..!

** لسبب بسيط ، هو أن الوسطية القادرة علي احلال الاعتدال محل (الرأي الأوحد) غائبة في خضم (الطغيان) الذي ينازع في دواخلنا !!

** ولأننا لم نتخلص بعد _ وعن ايمان عميق _ من عقدة (الأنا) والحصار الذاتي الذي يجعل منا كائنات نورانية !!

** بلوغ مرحلة (الايمان) بالآخر و(الاعتراف ) به ، ليس سهلا ، فالأمر يتطلب قدرا من التواضع الخليق بانسان تتوفر لديه الثقة بالنفس ، وعدم الاحساس بالضآلة !!

** تحت جلد كل طاغية ، انسان يعاني احساس الضآلة والتقزّم .... !

** متي يرحل هذا (الفيروس) القاتل من دمائنا ...؟
الأستاذ خالد عويس مع التحيات