السودان : في اتجاه الحل !!
خـالد عـويس *
12:43 11.08.02

خطوة الرئيس السوداني عمر البشير في اتجاه فك (الحظر) عن نشاط الأحزاب السياسية ، ورفع القوانين الهلامية التي كانت تقيّد حركتها توضح بجلاء أن القوي السياسية في السودان شرعت فعلا في تكريس واقع سياسي جديد يتلاءم مع أجواء السلام التي بدأت تسود البلاد ، وأتت اعترافات حزب المؤتمر الشعبي ( د. الترابي) بأخطاء دعم الاسلاميين انقلابي مايو ويونيه بمثابة نقد ذاتي صادق لابد أن تمارسه قوي سياسية اجحفت في حق السودان ، وتتحمل أوزار تخبط السياسة السودانية ونكوصها عن الآفاق المدنية التي تدعم البناء الديمقراطي .
بطبيعة الحال ، ادي تفاهم مشاكوس الي (غربلة الاوراق) واستشراف صيغ جديدة في العمل السياسي تستدعي عملا حثيثا علي جبهة (الديمقراطية) وجعل (هامش ) الحرية ، حرية كاملة تسند السلام وتكون مدعاة للوحدة الطوعية .
السنوات المقبلة في السودان (في حال تحقق السلام) تتطلب جهدا وافرا من أطراف عدة :

أولا : علي الحكومة السودانية ان تسعي لحل شامل يستوعب الاطراف السودانية كافة باشراكها في المفاوضات (بطريقة أو بأخري) بادئا ومن ثم الشروع في خطوات عملية في اتجاه التعددية السياسية وانعاش الديمقراطية .

ثانيا : المراجعات المطلوبة من الكيانات السياسية هي مسألة جوهرية لجهة (تنقية) التاريخ ومعالجة التراكمات والافرازات السالبة لعهود الأزمة الطويلة ، وتنقيح المدونات السياسية التي كبّلت الحراك السياسي وعطّلت التنمية . الاعتراف بالأخطاء ، والعمل علي تلافيها يعزز ثقة الجنوبيين في أحزاب (قومية) معافاة خلعت الرداء (الشمالي) تشاركهم سلطة ديمقراطية في بلد متعدد ومعترف بتعدده .

ثالثا : القوي السياسية الجنوبية مدعوة هي الأخري لتفكيك خطاباتها السابقة المثقلة بالجهوية ، وتركيباتها العشائرية لصالح كيانات سياسية تتأسس علي (برامج قومية) تنأي بنفسها عن الهموم الجهوية .

رابعا : النخبة السودانية ، كانت جزء من الأزمة الطاحنة علي مدي خمسين عاما ، ومعضلة من المعضلات الكبري في السودان ، وحان الوقت لأن تصحح أوضاعها المشوّهة وتكون رأس الرمح في احداث (ثورة) علي الصعد المجتمعية والثقافية والسياسية تهدم الأنساق القديمة القائمة علي علي المصالح الذاتية والقبلية والجهوية ، لتعمل علي توحيد ( المجتمع) السوداني قبل ان تبذل جهدا في اتجاه ازالة حالة التنافر بين (القوي السياسية) ، لأن دور المثقفين والفنانيين من خلال منظماتهم المدنية وفاعلياتهم المنوّعة في تذويب القطيعة والنعرات العنصرية والثقافية واشاعة مناخ الوحدة أكبر من مهمة السياسيين في توزيع السلطة والثروة .

خامسا : علي أطراف اقليمية تعمل من أجل مصالحها فقط ، أن تدرك أن السودان مقبل علي خيارات حاسمة ، والّا مجال للضغط في اتجاه المصالح ، ولا سبيل للحفاظ علي السودان موّحدا ، الا بنظرة ايجابية تتجاوز سقف المصالح ، الي سقوف الاعمار والتنمية والعمل المدني .
الأستاذ خالد عويس مع التحيات