ولماذا التباكي علي "جنين" ؟
خالد عويس _ الرياض
20:23 05.08.02

الأستاذ : خالد عويس
هل ستكون المذبحة الأخيرة التي تكشف ضآلة الفارق بين " امم" و" ولايات" متحدة تشكل ذلك الهلام الذي يستر سوءة "الضمير العالمي" المتمثل في "اسرائيل" ؟
لماذا نتباكي علي "تقرير" نعرف سلفا وبسليقة خمسين عاما من اختلال المعايير ، انه سيساوي _ كالعادة _ بين "الجلاد" و"الضحية" !!
أيهما "الجلاد" ، الجندي المدجج بأحدث منتجات "هوليود" الحقيقية ، أم "أزهار الأرض" التي لم نبق في أيديها الغضة سوي حجارة تنافح الظلم والتعدي وتكسر حاجز "الصمت" ، هي التي تبّقت من "الكرامة العربية" ؟
وأيهما "الضحية" ، الذي جاء ب "جزار" الي سدة السلطة للحفاظ علي أمنه ، أم الذي ينتشل جثث الأطفال يوميا من تحت الأنقاض ، ويواري أمه الثري ، ويداوي أخته الجريحة ، ويعاين آثار الدموع في عيون الثكلاوات ، وتدفعه كل هذه الظروف ل" الضرب في العمق" مجتمعا تأسس علي اللوائح العسكرية والتجنيد لحماية الدولة ؟؟
السيد كوفي عنان ، الذي خرج علينا ب " تقرير جنين" ، وأنكر المذبحة ، كان يستحيل عليه أن يفعل غير ذلك ، طالما أن العالم بأسره شاهد الجريمة وفضّل أن يكون "شاهد ما شافش حاجة" !!
ونحن ...؟
ما عادت تهزنا جرائم اليهود بحق الفلسطينيين ، ما عاد يؤثر فينا حتي مرآي جثث الأطفال والمذابح التي جعلت "الطفولة" تعّهر وجه العالم .
ليس أكثر من تسلية مسائية نشاهدها ونحن نستمتع بفناجين القهوة و"التدخين" و"التنظير" ومن ثم ننسل الي مكاتبنا صباحا لنكتب "كلاما فارغا" عن "استراتيجية

السلام " و" السلام الاستراتيجي" ، ونريق كثيرا من المداد الذي لو قدمنا ثمنه للانتفاضة لكان أشرف من تزويق الاوراق بعبارات باهتة !!
علام الضجة الآن حول "تقرير جنين" ؟
ماذا فعلنا منذ "جنين" الي حين صدور التقرير ؟
العدو فعل ...!
مذابح أخري .. أضافها شارون لتاريخه "الحافل" .. في ظل صمت اميركي لا ينقطع الا حين يتعرض "الاسرائيليون" لضربة تزعزع أمنهم وتوقع خسائر بهم ، ونحن ، لا زلنا نراوح أمام "الامم" و" الولايات" المتحدة !!
كلا ، لم نراوح فحسب ، وانما نبذل ما في وسعنا من أجل وقف "العمليات" وردع المقاومة بشتي السبل . "الاسرائيليون" يحلمون باستسلام كامل واذعان مرير ، ونحن نتوهم سلاما برعاية " بوش" !!
أية رؤية حقيقية ومعمّقة يحملها رجل ينتفض كلما سمع عن قتلي في صفوف "الاسرائيليين" ، ولا يرمش له طرف اثناء مذابح الابادة التي يقدم عليها حلفاؤه في تل ابيب !!
نحن لم ننس جنين وحدها !!
نحن نسينا أن الفلسطينيين ينازلون "وحدهم" عدوا متغطرسا تسنده قوة هوجاء ، ويقدمون طوابير من الشهداء والجرحي ..
ثرنا من أجلهم بضعة أيام فقط ثم عدنا أدراجنا الي منازلنا ومكاتبنا سعيدين بمنجزنا "النضالي" ...!!
نسينا أن رمزا من رموز المقاومة و"الكرامة" رهين التعذيب اليومي والاهانات "الاسرائيلية" ، فأستذكره رجل بقامة وطن "حر" كنيلسون مانديلا ، ذلك "القديس" الافريقي الذي لا يخشي قرقعة السياط الأمريكية ، ولا الاعلام الصهيوني . مانديلا ينازل "اسرائيل" بثبات لأنه رجل "قضية" ويعلم _ كما يعلم العالم _ أن الضمير الحر ينحاز الي الضمائر الحرة ، ولأنه تعلّم العدالة الفطرية ، لا تلك العدالة المموّهة المصنوعة في أروقة "الامم المتحدة " و"البيت الابيض" !!
الأستاذ خالد عويس مع التحيات