عبد الباري عطوان يحاضر في اوسلو
بقلم : نضـال حمد
24 نيسان (أبريل) 2005


قبل أيام قليلة تشرفت بإدارة ندوة نظمتها الجالية الفلسطينية في النرويج في مدينة اوسلو وكان ضيفنا فيها المتحدث اللامع، الإعلامي و الصحافي الفلسطيني والعربي الكبير الأستاذ عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي. والصديق أبو خالد رجل غني عن التعريف ومعروف جيداً في الأوساط الإعلامية والصحفية العالمية والعربية،وقبل هذا وذاك يعتبر من الوجوه المحبوبة والمرغوبة لدى المواطن العربي.
طبعاً كلنا تقريباً يعرف ان الرجل احد أهم الإعلاميين العرب، ومن رواد الصحافة العربية في هذا الزمن،وهو ايضاً من رافعي الصوت عالياً،ومن أصحاب المواقف المميزة والجريئة والصريحة. كما أنه يمتاز بآرائه الشجاعة والناقدة، خاصة انه من القوميين العرب والوطنيين الفلسطينيين الذين استلوا ألسنتهم واشهروا أقلامهم بوجه الغزو الصهيوني لبلاد العرب وضد الحملة الهمجية على الاسلام.
عبد الباري عطوان كاتب وصحافي فدائي، من حملة السيف البراق الذين وقفوا ضد كل السيوف الصدئة، سيوف الذين باعوا فلسطين ثم خذلوا العراق..
عبد الباري عطوان صحافي من هذا الزمان، زمان القلة المؤمنة بالحق الذي يهزم القوة والغطرسة، يهزمها بالإرادة،ويقف كالسور صلبا ومنيعا يرد بصوته وصدى صوته على العدوان و الغزوات التوسعية الاستعمارية الغربية الجديدة.
لقد تمت دعوة الأستاذ عبد الباري عطوان إلى اوسلو من قبل الجالية الفلسطينية . وقد نسقت الجالية عملها مع الرابطة الإسلامية والبيت العربي في النرويج، لكي تكون الندوة شاملة وجامعة وتحمل شعاراً واحدا يتحدث بدوره عن الهموم المتشابهة والواحدة التي تواجهها الشعوب العربية والإسلامية ومن بينها الشعبين العراقي والفلسطيني. حيث أن كل من البلدين يتعرضان لنير الاحتلالات الأجنبية المعادية والخبيثة ولمؤامرات الشطب النهائي خدمة لمشروع إقامة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.
مهدت الجالية الفلسطينية للندوة بحملة إعلامية منظمة ومنسقة استهدفت تأمين نجاحها بشكل ملفت للنظر.وقد كان لها ما أرادت إذ أن ندوة عبد الباري عطوان كانت اكبر الندوات التي تشهدها النرويج على الإطلاق، فقد حضرها مئات الأشخاص من الفلسطينيين والعرب بالإضافة لبعض النرويجيين الذين استعانوا بمترجمين من الحضور العربي.كما قامت بعض وسائل الإعلام النرويجية بتغطيتها. وبعد دقائق من بدء الندوة كان الناس يقفون خارج الصالة لعدم تمكنهم من إيجاد أمكنة للجلوس أو حتى للوقوف داخلها في راديسون ساس بلازا هوتيل في العاصمة اوسلو.
بدأت الندوة بترحيب موجز بالضيف ثم بعد ذلك باشر الاستاذ عبد الباري كلامه وبدأ محاضرته موجها التحية لشهداء وأسرى فلسطين والعراق والأمة العربية. وقد تطرق الأستاذ عبد الباري عطوان للوضعين الفلسطيني والعراقي،وتحدث عنهما بشكل دقيق ومباشر . وفي تلك اللحظات حاول شخص من الحضور وهو من العراقيين المؤيدين للاحتلال الأمريكي في العراق مقاطعة الضيف أثناء كلامه،وتدخل معه شخص آخر تحدث بنفس اللغة المتأمركة،وقد بدا واضحا أنهما من(جماعة احتلال العراق)وقد جاءا مع شخص ثالث إلى الندوة للقيام بذلك، لكن حسن إدارة الندوة وصحوة لجنة الانضباط فيها سدت عليهم الطريق منذ البداية . ولم يتعامل القائمون على الندوة معهم بالمثل بل أعطوهم حق الكلام وتوجيه السؤال وكان أول السائلين احد أعضاء الحزب الشيوعي العراقي، هذا الحزب الذي أصبح للأسف من أحزاب الاحتلال الأجنبي ولم يعد يتحرك سوى تحت راية الأمريكان.حزب لا يغار على تاريخه ولا يكترث بحاضره ولا يفكر بمستقبله، حزب ديناصوري يتجه نحو الانقراض.
لقد كانت محاضرة الأستاذ عبد الباري عطوان والتي استمرت أكثر من ساعتين ونصف الساعة أكبر وأهم محاضرة تشهدها العاصمة النرويجية اوسلو وتقيمها الجالية الفلسطينية منذ عدة سنوات. وتميزت بالحضور الفلسطيني الكبير والمشاركة العربية المتعددة والواسعة. إذ انه لأول مرة في تاريخ العمل النقابي الفلسطيني والعربي في النرويج تعجز القاعة عن استيعاب الناس،حيث لم يكن هناك أمكنة فارغة للجلوس او حتى للوقوف في القاعة . وقد اضطرت جماعات كبيرة من الحضور للوقوف خارج القاعة أو العودة من حيث جاءت.
لقد تحدث الأستاذ عبد الباري عطوان عن فلسطين بلغة الأهل، بصوت الصامدين على خط المواجهة في قطاع غزة والضفة الغربية . وتطرق لعملية التحول التي شهدها الوضع الفلسطيني بعد غياب الرئيس عرفات واستلام السيد محمود عباس. وتطرق أيضاً لحق العودة ومؤامرات شطبه والتآمر عليه ولاوضاع الاجئين الفلسطينيين في الشتات. ثم تحدث عن الانسحاب من مستوطنات غزة وعن خطط شارون لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية،وكذلك عن عملية تهويد القدس المستمرة بلا توقف. وبعد فلسطين جاء دور العراق الذي كان له مكانة كبيرة مثل مكانة فلسطين في المحاضرة.
تحدث أبو خالد عن الوضع العراقي فاضحاً ممارسات الاحتلال الأجنبي وعجز سلطة حلفاء الاحتلال عن فعل أي شيء حقيقي للقضية العراقية وللشعب العراقي.ودافع عن مواقفه المؤيدة للمقاومة معتبرا أن الموقف الحقيقي يكون بالرهان على اصحاب الحق، على الرابحين في نهاية المطاف،والرهان على المقاومة العراقية هو رهان الكاسب والفائز والرابح،رهان على حتمية تاريخية، فكل الاحتلالات زالت بفعل المقاومة وهذا ما سيحدث في العراق حيث مقاومة أهل السنة ومقتدى الصدر وأنصار الإسلام وغيرهم.وكان كلمات عبد الباري عطوان المدوية في القاعة تقطع بين الحين والآخر بموجات تصفيق حادة من الجمهور...
في الختام نعدكم قريبا جدا بنشر نص حوار أجريناه في اوسلو مع الأستاذ عبد الباري عطوان، حوار شيق وممتع فانتظروه خلال الأيام القادمة...