سأشرب القهوة في خان الخليلي!
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

 تهدَّجَ صوتُي  , و أنا أقترب من قبر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر برفقة الدكتور فاروق مواسي و الأستاذ جورج قندلفت, أحسستُ أنني واقف أمام تاريخ العز و الرجولة وجهاً إلى وجه, لم أستطع أن أتمالك أشواقي..فاختلطت الكلمات التي كتبتها في دفتر التشريفات مع دمعة فرضها جلال الموقف.

 

كان الدكتور فاروق متماسكاً..واثقاً من ذاكرته التي أسعفته فإستعادَ  على ورق التشريفات كتابة قصيدة جميلة كان قد كتبها عام  1970, في رثاء هرم الشموخ و العنفوان العربي, الرئيس عبد الناصر,

 

صديقي جورج عبر عن حزنه في سطر بليغ, فتفوق بلاغة على إرتباكي, حسب رأي" أبو السيد".

 

أتذكرُ  الآن , منذ الساعات الأولى,حين وصلَ  القلبُ الزائرُ  قاهرةَ المعز..سؤال الأصدقاء المصريين عن أول شيء أحب أن اشاهده في أرض الكنانة, فأجبت دون تردد: ضريح الزعيم الخالد, جمال عبد الناصر .

 

و كانت رغبتي الثانية واضحة..فاصطحبني الكاتب الأخ إسلام شمس الدين إلى خان الخليلي, تجولنا في أسواقه الشهيرة, مررنا بشوارعه المزحمة و الضيقة, سياحٌ  من مختلف البلدان يتنفسون أريج الحضور المنبعث من  خليط هذا البهاء في مصر الفاطمية و الأيوبية و المملوكية ..

 

و تكررت زيارتي لخان الخليلي و الأزهر و الحسين مع الكاتب الكبير محمد علي طه و الدكتور فاروق و الشاعر عبد الناصر صالح.. و تكررت أيضا مع الصديق الكاتب و الشاعر عادل سالم و الصديق الصحفي أشرف شهاب و الأخ جورج و الشاعر و الناشر محمد الحسيني..أنا الذي لا أدخن" الشيشة" وجدتني أداوم على طلب" المعسل" من مقهى" الفيشاوي" أو مقهى "نجيب محفوظ"

 

كان بعض الاصدقاء المصريين, يستهجنون معرفتي  لبعض معالم القاهرة, كأسماء بعض الشوارع و الأحياء..فينسون فضل الأفلام و المسلسلات و الأغاني و الروايات و المسرحيات و الأشعار العربية المصرية علينا!

 

خان الخليلي,بكل أماكنه المقدسة و التاريخية و الشعبية كان الأحب إلى نفسي.. و أعترفُ  بأنني" هربت" من أصدقاء, إلى هناك غير مرة,  كي إستفردَ  بحلمي و أراوده عن خاطرة أو قصيدة..

 

تركتُ مصر و بقيتْ في قلبي أيامها و ذكرياتي و أصدقاء معرض الكتاب من المبدعين العرب و قد تشرفت بالتعرف على شوامخ و نجوم هناك..تركتُ الأصدقاء على وعد بعودة قريبة كي أنشرَ مجموعة شعرية..

 

الآن يصدمني الخبر الحزين, المؤلم..عن تفجير في خان الخليلي إستهدفَ بعض السياح , و قتل وجرح أمريكيين و فرنسيين و  مصريين مسلمين عرب..و أفترض أن هذا الإنفجار الشيطاني المُدان قد حدث أثناء جلوسي و الأصدقاء لإحتساء قهوة في خان الخليلي!

 

أشعرُ  أن إنفجاراً حدثَ داخل أحلامي..فأسخطُ على الفاعلين الجناة..الذين ينبغي أن تتوجه عملياتهم ضد غزاة العراق و فلسطين..لا ضد المناطق السياحية في مصر, كي تجني إسرائيل الإرهابية, العنصرية, الأرباح و المنافع.

 

وعدي للإصدقاء الأعزاء  هو وعدي...وعدي للدكتور صلاح السروي و لأشرف و الحسيني و نجلاء و جمال و بقية الأصدقاء.. أن أعودَ  إلى القاهرة.. لأزورَ  قبر الزعيم الخالد عبد الناصر مرة ثانية, ثم أقصد خان الخليلي, أشرب قهوة دون خوف من إرهاب و زمر وحشية.

 

 

سليمان نزال