تسميم القضية
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

 أصبحَ للهوان شبه الشمولي في خريطة التمزقات العربية, مواعيد إحتفال,و تكتيكات وقحة و مناسبات إنقلابية و تعيينات حاقدة ممهورة بتواقيع الهيمنة و الصهينة, يعقبها تخريجات بأوسمة و عناق يشبه الطعنة الممطرة ترتيبات قاهرة تسفر عن ترك الاحتلال الصهيوني لغزة و صدورنا و التبشير بقدوم إحتلال " أخوي" يغلق الأنفاق و يطارد المناضلين و يدين العمليات الجهادية و لا يتورع عن قصف الآمال و التطلعات الوطنية الفلسطينية, مع حرصه على تجريم الفعل النضالي الباسل,  و معاقبة التاريخ الكفاحي و جمع أسلحة الوفاء و الصبر و المقاومة و حرقها في أتون الأحقاد المتحالفة ضد الفلسطيني و حقوقه و ثوابته و ذاكرته.

 

و شتان بين الانقلاب الذي تمكن, على حساب عذابات شعبنا المتواصلة و مسلسل معاناته, من التأسيس لنهج الجحود و التواطؤ المدروس الذي مرَ وصولاً لتحقيق أغراضه بمراحل متعددة و متشابكة, من التمردات مدفوعة الأجر, إلى إغتيال المناضلين و القادة, مروراً بالتنسيق الأمني المشبوه مع جيش الصهاينة و أجهزته الوحشية..حتى إستغلال الأخطاء الجسيمة التي وقعت بها القيادة الفلسطينية السابقة, دون أن ننسى أنها كانت حجر الزواية في بنيان هذه الأخطاء و الكوارث.

 

أن ما حدث و يحدث في الساحة الفلسطينية هو إنقلاب مُنَظَّم, بكلِّ المعايير و الكواليس و دهاليز الظلام و بمباركة و بمساعدة الإمبريالية و مخابراتها و  أموالها و خططها الإلغائية و تدخلاتها و ضغوطاتها الرامية إلى فرض حل إستسلامي هجين على شعبنا و إرغامه على تجرع علقم الحلول المهينة , و ذلك  بإستخدام مختلف الوسائل القمعية المباشرة وتكبيده المزيد من التكاليف الباهظة من دمه الطاهر و ممتلكاته و مصدر رزقه مع إعادة تركيب الساحة الفلسطينية وفق مشيئة النظام الفلسطيني الجديد الذي يستلهم العديد من سياساته من النظام الإمبريالي و خطابه الأرعن ما بعد الجديد!

 

كان الفلسطيني العربي الشجاع, يقيس بدمائه  و تضحياته مسافة الإنعتاق و السيادة الحقيقية, فاذا بالنهج الوصولي يستنفر كل جهوده و يستصدر قراراته للتخلص من خصومه, و إبعاد أنصار الرئيس الرمز الكياني الشهيد ياسر عرفات, ليجعل الفلسطيني يقيس أيامه الصعبة بالقلق و المخاوف و الشكوك.

 

ما زال الفلسطيني, صانع الثورات و الإنتفاضات المجيدة, ملتزماً بقضايا شعبه و أمته, متمسكاً بمطاليبه و أهدافه التحررية و حقه في العودة إلى أرضه السليبه, صار مطلوباً منه , ان يقدم كلَّ هذه الكواكب  من الشهداء الأبرار و القوافل من العطاءات المبجلة, كي يفوز بتهمة "التخربب" على التسوية و يوشم بنعت التخريب على الجهود الوطنية التي يبذلها الرئيس محمود عباس و حكومته الرشيدة!

 

هو الفلسطيني الصامد, الذي يستعصي على التدجين..الذي يساهم بكل نشاط نضالي بهدف صنع ترياق الخلاص من الإحتلال الصهيوني الشرير, في وقت يسعى المتهافتون على الإصلاحات الشخصانية, معروفة المقاصد, لتسميم القضية بعد أن قضى الرئيس عرفات شهيداً بالسم.

 

سليمان نزال