المجلس الثوري ... رؤية شاملة
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

بات من المهم والضروري وإنصافاً لجماهير الفتح وأبنائها ولمستقبل الحركة وعلاقتها بالجماهير ومن خلال مسيرة العطاء الفتحاوي وتاريخ الحركة البطولي والمشرف لشعبنا الفلسطيني أن تحقق اجتماعات المجلس الثوري لحركة فتح أولويات العمل في ضوء إعادة بناء الحركة بما يتناسب مع متطلبات المرحلة وإعادة جدولة المهام لعقد المؤتمر الحركي العام السادس لما لذلك من أهمية على صعيد توظيف أطر الحركة ومؤسساتها لخدمة قضايا شعبنا الوطنية.

إن المرحلة التي نمر بها مرحلة دقيقة وحرجة وفي ضوء تواصل الهجمة الإسرائيلية وشراسة توجه حكومة شارون لإعادة تقسيم الوطن الفلسطيني وفرض الوصاية والتبعية الجغرافية على شعبنا وتكريس لغة التدمير والخراب للنيل من صمود الشعب الفلسطيني وخاصة بعد استشهاد الزعيم الخالد الرئيس ياسر عرفات مؤسس حركة فتح ومفجر الثورة..

لقد بات المخطط الإسرائيلي واضحاً حيث يهدف للزج بالشعب الفلسطيني في اقتتال داخلي وتقويض النضال الفلسطيني لتمرير مشروع السلام الإسرائيلي وفرض سلام القوة وتعزيز أمن إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني وتضحياته ونضاله حيث لا يزال الوضع على الأرض على ما هو عليه، بل إنه يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، بسبب السياسات الإسرائيلية في التوسع الاستيطاني ولا نرى أيّ تغيير في الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على تصميم الخطط أحادياً، وفرضها بالقوة العسكرية، وإقناع العالم بها، وهوما نشاهده في السياسات الإسرائيلية المتمثلة في التوسع الاستيطاني، وتكثيف العمل في إقامة الجدار، وعزل القدس وممارسة سياسة الحصار والاعتقال والقتل والخنق الاقتصادي، التي تطبقها إسرائيل، وكأنها فوق كل شيء، دون أيّ اعتبار أو اكتراث بأن هناك شعباً فلسطينياً على هذه الأرض، وأن هناك شرعيةً دوليةً أو مجتمعاً دولياً، لأن سقف تدخل المجتمع الدولي محكوم بمدى القبول أو الرفض الإسرائيلي .

إن دعوة المجلس الثوري لحركة فتح لإعادة تقييم أمور الحركة هي مطلب فتحاوي عبر عنه قيادات وكوادر حركة فتح في جميع الأقاليم والساحات ومناطق العمل وجاءت هذه الدعوة تلبية واضحة للرؤية الفتحاوية الثابتة المعبرة عن تضحيات أبناء الفتح وجماهيرها الوطنية وتصدياً لمخطط الحكومة الشارونية ودعوة لتفعيل العمل الوطني وبناء الإنسان والمؤسسة القادرة على حماية الوطن والمواطن الفلسطيني علي ضوء المتغيرات الدولية ..

إن مهام الفتح في هذه المرحلة مهام عظيمة يتطلب من جميع كوادرها رص الصفوف والتلاحم ونبذ الخلافات وتكريس روح المحبة والوفاء للشهداء والتضحيات الجسام التي قدمها الجميع والانطلاق نحو تفعيل لغة الحوار الفتحاوي لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإعادة تقييم مؤسسات الحركة التي باتت تتحمل مسؤولية جسيمة ووطنية في المرحلة المقبلة.

إن العمل على إعادة تنظيم صفوف الحركة وبناء مؤسساتها السياسية و الثقافية والاقتصادية والأمنية وتفعيل العلاقات الخارجية والدولية للحركة وإعادة بناء هيكليتها الثورية وتنظيم قواعدها هو الضمان الوحيد لنجاحها وتفعيل دورها في التقدم نحو البناء وتوحيد الجهود القادرة على حماية أبناء شعبنا والتصدي لمؤامرات الاحتلال الإسرائيلي وعملائه الخونة والمأجورين الذين رضوا على أنفسهم العبث بمقدرات شعبنا والقفز عن الخطوط الحمراء التي لا يمكن لأحد أن يتجاوزها.

إن مهمة حركة فتح في المرحلة المقبلة مهمة تتطلب الشجاعة والإقدام والقدرة على تفهم متطلبات الواقع الفلسطيني مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إجراء تغيير شامل في مستويات القيادة وتفعيل دورها الريادي والطليعي ووضع آليات العمل لبناء صفوف الحركة وإعادة هيكليتها بما يناسب مع البناء الفتحاوي داخل الوطن وإجراء تغيير شامل لكي ينعكس هذا التغيير على مستويات صنع القرار في أجهزة ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.

إن بناء المؤسسة الفتحاوية القوية يعني بناء مؤسسة السلطة القوية وتفعيل دورها علي طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحماية شعبنا والحفاظ على تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية العريق الشامخ وبناء جيل قادر على تحمل المسؤولية وتحقيق الأهداف الوطنية المتكاملة.

أن شعبنا الفلسطيني يتطلع ألي الدور التاريخي لحركة فتح وألي أهمية أن يكون المجلس الثوري في اجتماعاته علي قدر تحمل المسؤولية واتخاذ قرارات هامة تحافظ علي ماضي حركة فتح التاريخي ومستقبلها الوطني وتحافظ علي حقها في التصدي للاحتلال الذي يمارس هذا العمل البشع ، المخالف للقانون الدولي الإنساني ولقرارات الشرعية الدولية، والذي فرّق مجتمعنا ونهب أرضنا، ويحول دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً وقابلة للحياة.

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 30.01.2005