إمبراطورية بوش
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

بات من الواضح أن البيت الأبيض يرسم سياسية بالشرق الأوسط متدخلا في أدق التفاصيل بالسياسة العربية .. وحتى وصولا إلي غرف نوم العرب فهذا الرئيس بوش وبعد إعلانه عن برنامج ديمقراطيته للشرق الأوسط مستفيداً من المناخ السياسي الفئوي الضيق الذي يسود معظم الأقطار العربية ومستغلاً مطالبة المثقف العربي بضرورة إحلال الديمقراطية وتطوير مؤسسات الحكم في العالم العربي في ظل ذلك يعلن الرئيس بوش عن لهجته الحادة والمتصاعدة ضد سوريا ومصر العربية والسلطة الوطنية الفلسطينية .. وملوحاً بالتغير السياسي ومطالباً بالعديد من الخطوات ومراقباً ما يجري وكأنه هو الرقيب والسليط والحاكم الناهي بأمره متناسياً أن ديمقراطيته الزائفة التي يعيش فيها بالولايات المتحدة هي من تصميم وإخراج الوكالات اليهودية للهجرة واللوبي الإسرائيلي في واشنطن ومتناسياً أن الإنسان العربي لا يثق بما يقوله الرئيس بوش لأن سياسة الولايات المتحدة باتت واضحة ومكشوفة فهي سياسة تدعم إسرائيل ومبنية على حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه وعدم تقدير حالته وأوضاعه المعيشية .

إن كذبة الديمقراطية التي يعيشها الرئيس الأمريكي بوش هي كذبة ولعبة جديدة ستدفع المنطقة إلى استمرار حالة الاحتدام الدائم وتأجيج حالة الصراع القائمة لأن الإدارة الأمريكية في ظل قيادة الرئيس بوش ما زالت تتعامل في هيمنتها على القرار وتعمل أيضاً على فرض الوصايا والتبعية لإدارتها في ظل استمرار معادلة نظام القطب الواحد.. نظام إمبراطورية بوش.. إمبراطورية القهر والذل والإهانة للشعوب وعدم احترام حقوق الإنسان مستفيدين من التعاطف الدولي مع ضحايا أحداث سبتمبر ومهيمنين على العالم تحت ذرائع الأمن وإحلال السلام والحفاظ على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط..

وفي ظل تلك الهيمنة تعكس الرؤية الواقعية والمنطقية لطبيعة الصراع والمعادلة القائمة على عدم احترام الشعوب ورغبتها في تحقيق مصيرها وممارسة سيادتها حيث تعكس الرؤية الضيقة لقرارات مجلس الشيوخ الأمريكي نموذجاً من عدم احترام الديمقراطية وعدم قدرته على اتخاذ قرارات عادلة ومنصفة ومتوازنة مع طبيعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط وفي مختلف المدن والعواصم العالمية.. فهذا المجلس الذي يفتخر بوش بديمقراطيته هو مجلس ذات فئوية ضيقة ومنهاج تتحكم فيه الأوساط الإسرائيلية وتهيمن على قراراته مؤسسات اللوبي اليهودي في واشنطن فالمصالح الأمريكية والإسرائيلية هي مصالح واحدة وموحدة وبالتالي تعكس رؤيتها في عدم احترام الشعوب وحقوق الإنسان وحرمان الأمريكيين أنفسهم من ممارسة الديمقراطية وبناء المؤسسات السليمة والصحيحة البعيدة عن السيطرة الرأسمالية والشخصية والفئوية الضيقة التي تتمتع بها المؤسسات الأمريكية وخاصة التي تمارس النشاط السياسي والمالي والأمني والاقتصادي والإعلامي..

إن احتكار الشعوب هي ديمقراطية الرئيس بوش وممارسة التسلط وعدم التوازن في اتخاذ القرارات ضمن المؤسسات الدولية هي الديمقراطية التي يتمتع بها الرئيس بوش واستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لصالح إسرائيل هي ديمقراطية الرئيس بوش وتصريف الأموال الباهظة على التسلح العسكري والأمني وبناء أكبر ترسانة نووية في العالم هي أولويات الديمقراطية للرئيس بوش تلك مظاهر الديمقراطية الزائفة التي يتمتع بها الرئيس بوش والتي يمارسها في ظل هيمنة القطب الواحد وتشكيل أكبر إمبراطورية في التاريخ المعاصر إمبراطورية بوش.

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
للمراسلة : alsbah@alsbah.net
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 06.03.2005