الزعيم الخالد ياسر عرفات
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

يا ياسر لن ترحل ليس أوان رحيلك الآن..
لا تتركنا وحدنا فإن رحيلك عنا مصاب كبير وحدث جلل..
عندما نفقدك وتتركنا يا ياسر وترحل شهيداً شهيد وتكون شهيد الشهداء نقف أمام عظمة الموت وتلك الحالة الرهيبة التي كان لصداها معاني روحية في يوم رحيلك يوم رحيل الزعيم الخالد..
لأنه الوطن ولأن الوطن فينا لأن كوفيته السمراء تتناقلها الأجيال وأنه كتب بتراثه وفكره ومواقفه المشرفة تاريخ شعبنا.. ولأنه عانق ثرى الوطن محلقاً في سماء العالم.. ولأنه قاوم الموت ورفض الرحيل قبل كتابه وصيته الأخيرة..
ولأنه قال بإذن الله سأعود وفعلاً وحقاً عاد.. عاد مستشهداً محلقاً في سماء القدس فكانت ملامحه تتشكل فينا وترسم الأمل القادم لثورتنا العملاقة التي أثبتت أنها أعظم ثورة في التاريخ المعاصر.
ياسر عرفات القادم لم ولن يرحل فهذا الشعب العظيم الذي يرفض الركوع والذل.. يرفض الاستسلام لمؤامرات التصفية قادر علي مواصلة مسيرة العطاء الفلسطيني ..
ياسر عرفات هذا الشعب العظيم الذي يتطلع إلى الحرية والحياة ويمضي ليقاوم ويصنع النصر القادم..
ياسر عرفات هذا المجد الفلسطيني جامعة الأجيال والثورة التي نؤمن بها ونقف صفاً واحداً للدفاع عن كرامتها وعزتها .
ياسر عرفات هذا العملاق الفلسطيني الذي كتب حروف النصر بكلماته الحرة الأبية وبكفاحه من أجل الحرية وتقرير المصير..
ياسر عرفات لم ولن يهزم فهو الذي ترك لشعبه مفاتيح النصر وحمل الأمانة للأجيال القادمة من أجل فلسطين.. من أجل معركة القدس.. معركة تقرير المصير..
ياسر عرفات هذا الشعب الفلسطيني العظيم الذي يصنع النصر.. يتألق على صهوة جواده ليدق برمحه بوابات العودة والتحرير..
عهدنا لك أننا على دربك ماضون..
عهدنا لك بأن رسالتك ستبقى حتى النصر وسنبقى الأوفياء لكلماتك..
عهدنا لك بأن تبقى فينا لأنك أنت المعلم والأب والقائد وأن روحك هي روحنا وأن سلاحك هو سلاحنا وأن قدرك هو قدرنا فلا لن تمت..
لا لن ترحل أبداً.. فأنت قائدنا ومعلمنا وستبقى روحك الطاهرة هي روحنا تعانقنا فهذه أمانتك ونحن على دربك وبهدى خطواتك وأنفاسك الطاهرة سائرون..
لا لن ترحل لأن شرائع النصر وكوفيتك السمراء عنوان هذا الشعب العظيم الذي أحبك وهتف من أجلك وحمل الأمانة وعلى دربك وبهدى خطواتك صنع ملحمة الانتصار..
لا لن ترحل لأن كل شيء حولنا هو ياسر.. كل كلمة في تاريخنا هي من وحيك ومن صنعك..
ولأن تاريخنا هو تاريخك فأنت باقٍ بحروف من نور وباقيٍ بعطائك المستمر
وباقٍ بتلك الروحية التي ترفض الذل والخنوع..
ياسر عرفات إن حياتك ستبقى أطول وستستمر من جيل إلى جيل لأنك تاريخ هذا الشعب ولأنك شعب المعجزات..
ياسر عرفات إن صوتك خارق وعطاؤك لا يمكن أن يحصره كتاب.. ستكون حياتك أطول مما تصوروا.. ولن ينالوا منك لأنك تعيش بيننا.. تعيش بوجدان كل فلسطيني عشت حراً واستشهدت حراً وستبقى حراً إلى الأبد.. ستبقى فلسطين هي ياسر عرفات وياسر عرفات سيبقى هو فلسطين .
مهما كانت الكلمات لها شكلها ووزنها ورونقها لا يمكن لقلمي ولغتي أن تكون بمستوى هذا الموقف المؤلم الذي أعيشه الآن وأنا أكتب كلمات الوفاء في ذكرى رحيل قائدي ومعلمي وسيدي ووالدي ياسر عرفات..
لا يمكن أن تكون لغتي بمستوى رحيلك فإنني أعتذر منك..؟ أعتذر من شعبك العظيم الذي كان معك يوم رحيلك ولف سماؤك بالسواد حزناً عليك.. شعبك العظيم الذي احتشد بحراً هائجاً ليحمل جثمانك الطاهر على الأعناق مودعاً قائداً ومعلماً ورمزاً لكفاح هذا الشعب العظيم..
كانت تلك الملحمة ملحمة الوداع عنوانا للبداية ورحلة عطائك التي بدأت ولصوتك النابض ولحسك الدافئ وروحك الطاهرة التي ولدت فينا وحلقت حولنا وستبقى نبراساً تمتد عبر الأجيال..
سيدي الرئيس .. يا سيد الفكرة .. يا سيد الدولة .. كنا إذا نظرنا إلى كوفيتك وجدنا خريطة فلسطين من النهر إلى البحر وإلى وجنتيك وجدنا الأقصى . وإذا نظرنا إلى عيونك تذوقنا روح الانتماء لفلسطين .. وإذا ارتفع صوتك وجدنا إرادة التحدي وإذا سمعنا كلماتك تعلمنا الثوابت الفلسطينية..
إنك تمثل الرباط الروحي والوطني والقومي عبر ملحمة تاريخية بين الأرض والشعب والقضية.
لقد جسدت فلسطين فينا . وتجسدت فلسطين في إرادتك القوية وعزيمتك التي لن تلين.. إذا كانوا أرادوا قتل إرادة التحدي فينا بقتلك فإن إرادة الشعوب لن تموت وأنت حي فينا رمزاً وقائداً ومجاهداً ومعلماً ملهماً لهذا الشعب الذي لن ولم يسمح لأحد كما قلت ليس فينا وليس بيننا ولا منا من يفرط في ذر ة تراب من تراب فلسطين وتراب القدس . علمتنا التمسك بحق العودة ولن نتنازل عن المطالبة بحقوقنا .. قلت لا في البيت الأبيض في الوقت الذي لم يتجرأ فيه زعيم عربي أن يقول ذلك .
حقاً سيدي الرئيس .. يا سيد الشهداء وشيخهم الكبير أنت رمز حركات التحرر العالمية وسيظل الشعب الفلسطيني على خطواتك حتى يتحقق حلمك في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ..
فعهدنا عهد الشهداء والأحرار .. عهدنا لياسر الجاسر الكاسر.. عهدنا لهذا الشموخ الأبي .. لهذا العملاق الفلسطيني .. عهدنا يا سيد روحنا.. يا فكرتنا.. ويا دولتنا ويا هويتنا.. عهدنا أن نستلهم من كلماتك وأن نقرأ دستورك ونستوحي خطوات مجد شعبنا..
عهدنا أن لا نفرط بذرة واحدة من تراب القدس.. عهدنا أن نبقى معاً وسوياً من اجل فلسطين الدولة المستقلة والقدس عاصمتها..
عهدنا لك بأن تدخل القدس فاتحاً وأن تدق بوابات النصر برمح عطاؤك وكلماتك الخالدة فينا..
لك المجد يا ياسر.. لك البقاء والوفاء والعطاء .. وعلى دربك سائرون حتى النصر.. حتى النصر..
ومن نصر إلى نصر وإنها لثورة حتى النصر.

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 11.12.2004