"السلام" مسؤولية دولية
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

مما لا شك فيه بأن أجهزة الموساد "الإسرائيلي" تحاول تشويه صورة النضال الفلسطيني ووصفه بالإرهاب في محاولة مستمرة لاستغلال الظروف الدولية والمتغيرات بعد الهيمنة الأمريكية علي المنطقة وما تلاها من سياسات بمواقف كبري عواصم دول العالم الداعمة وبشكل مطلق للسياسة الأمريكية على المستوى الدولي .

لقد عملت أجهزة الموساد "الإسرائيلي" وبالتنسيق الكامل مع أرييل شارون رئيس الوزراء "الإسرائيلي" على خلق الفتن وتلفيق الروايات والأكاذيب حول أعمال إرهابية وإرهابيون يعيشون في المدن الفلسطينية ، ووصف الشعب الفلسطيني بالشعب الإرهابي .. في محاولة لاستمرار آلية الهجوم "الإسرائيلي" والقمع والحصار الظالم بحق الشعب الفلسطيني وفرض أجواء داعمة للطروحات "الإسرائيلية" ، وتهيئة الرأي العام العالمي لاستمرار آلية القمع والقتل والتدمير المنظم الذي يقوم به جيش الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني ..

إن استمرار الحملة "الإسرائيلية" الشرسة المزعومة والتي تشوه الفلسطينيين وتصفهم بأنهم إرهابيون هي حملة مشبوهة وعابرة ، فالشعب الفلسطيني هو شعب مناضل يسعى لتحقيق الحرية ونيل الاستقلال بأساليب وطنية نضالية مشروعة ، أقرتها كل الأعراف والقوانيين الدولية ويتمسك شعبنا بأرضه ويقدم التضحيات الجسام للدفاع عن عروبة وإسلامية المسجد الأقصى المبارك ، وهناك فرق بين العمل الإرهابي وبين المناضلين أصحاب الحق الذين يطالبون بالحرية والاستقلال ويسعون إلى تقرير مصيرهم ونيل استقلالهم و مزاعم أرييل شارون بوجود عناصر إرهابية في المدن الفلسطينية هي وهم زائف لتبرير استمرار العدوان "الإسرائيلي" المتواصل.
إن حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" تسعى لفرض حصار ظالم على شعبنا لاستنزاف القوة الفلسطينية عبر مؤسسات أجهزة إعلامها وأجهزة الموساد "الإسرائيلي" التي تعمل على تشويه الحقيقة وتشن هجوماً شرساً للنيل من إرادة الشعب الفلسطيني وما تلك المزاعم "الإسرائيلية" إلا ستار لاستمرار تنفيذ مخطط القمع والتصفية للشعب الفلسطيني..

إن الإرهاب هو إرهاب الاحتلال وأن الاحتلال واستمرار ممارساته العدوانية هو بمثابة القاعدة المنظمة للإرهاب وأن مؤسسات الاحتلال هي مؤسسات تمارس العدوان المنظم على الشعب المناضل وتمارس سياسة الاحتواء والإبادة والقتل على الفلسطينيين رافضة الاعتراف بحقوقهم ومستغلة الظروف الدولية لشن هجوم واسع النطاق بحقهم والذي يهدف إلى تكريس لغة العدوان والهيمنة واستمرار الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني.

إن أجهزة الموساد هي أجهزة القاعدة السرية التي تحاول أن تكرس الفوضى وتعمل علي خلق جو من عدم الاستقرار للاستفادة في تحقيق مصالحها فارضة حصار ظالم على الشعب الفلسطيني ، ضاربة بعرض الحائط كل اتفاقيات السلام ورافضة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وغير مبالية بقرارات الأمم المتحدة والأسرة الدولية.. بالرغم من إن الفرصة مواتية الآن أمام الجميع لاغتنامها‏,‏ لتدعيم وقف العنف والانخراط مرة أخري في عملية السلام ‏‏والاستفادة من حالة التهدئة حيث يكرس التعنت "الإسرائيلي" واستمر العدوان إعمال العنف و ليس من السهل علي الجانب الفلسطيني الاستمرار في حالة التهدئة القائمة في ظل استمرار العدوان "الإسرائيلي" .

أن قوات الاحتلال صعّدت من أعمال المداهمة والاقتحام للمدن والبلدات في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الأسبوع الماضي و نفّذت أكثر من عشر عمليات اقتحام جديدة، داهمت خلالها عشرات المنازل السكنية، وقامت بتفتيشها والعبث بمحتوياتها، و أن أعمال المداهمة تلك أسفرت عن اعتقال أربعة وعشرين مواطناً، بينهم خمسة أطفال، وإصابة ستة مواطنين بجراح واستشهاد مواطن .

أن استمرار عمليات قوات الاحتلال يشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي، كما ان هذا الانتهاك مستمر بمواصلة أعمال التدمير والتجريف في ممتلكات المواطنين، لصالح إقامة جدار الفصل العنصري داخل أراضي الضفة الغربية وهو ما يوجه ضربه قاتله لعملية السلام .. والأكثر من ذلك ان حكومة الاحتلال تصعد من هجماتها ضد المؤسسات الإسلامية و خطورة المخططات "الإسرائيلية" التي تحاك ضد المسجد الأقصى المبارك، والقدس المحتلة.

في ظل هذا العدوان وتعقيدات عملية السلام التي يفرضها شارون بات من الضروري أن يتدخل المجتمع الدولي ليجبر حكومة الاحتلال الإسراع بالانسحاب من المدن الفلسطينية التي تم الاتفاق عليها في قمة شرم الشيخ‏,‏ وكذلك الإفراج عن الأسري الفلسطينيين‏,‏ وتجنب أية سياسات من شأنها استفزاز الفلسطينيين‏,‏ والعمل علي ترجمة حالة التفاؤل التي صاحبت انتخاب الرئيس محمود عباس وسلسلة تحركانه لإنقاذ عملية السلام وانعقاد قمة شرم الشيخ‏,‏ إلي خطوات عملية علي أرض الواقع‏,‏ وتعجل بالدخول في مفاوضات حقيقية‏,‏ والعمل جدياً على وقف العدوان "الإسرائيلي" المتواصل وتقود في النهاية إلي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة‏.‏

إن "إسرائيل" بهذه السياسة سياسة المماطلة والكذب تدخل المنطقة إلى دوامة عنف وممارسات إرهابية قمعية قاتلة لا يمكن بأي حال من الأحوال العمل على تجاوزها إلا بالضغط الدولي وفرض عقوبات على "إسرائيل" والي متي ستبقي "إسرائيل" خارجه عن القانون الدولي وغير ملتزمة بالتوصيات الدولية والي متي سيستمر انحياز الموقف الأمريكي إلي الجانب "الإسرائيلي" والتعامل معها بشكل استثنائي من الضغوطات وإلزامها بتنفيذ وتطبيق قرارات الشرعيّة الدولية باتخاذ موقف حازم وجدي ضد الاحتلال "الإسرائيلي" ، يرتقي إلى درجة تضحيات شعبنا.

إن منح الشعب الفلسطيني حقه بعيداً عن الأكاذيب والافتراءات "الإسرائيلية" .. والاعتراف بدولته الفلسطينية المستقلـة ذات السيـادة على أراضيه دون التدخـل فـي شؤونهـا الداخليـة و تطبيق قرارات الشرعيّة الدولية القاضية بإنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" عن كافة الأراضي العربية المحتلة، في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان بات مسؤولية دولية بعد أن احترم الشعب الفلسطيني وقيادته كل القرارات الدولية وعمل علي تنفيذها , وفي ظل ذلك بات من المهم التدخل الدولي بشكل واضح لدعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وضمان حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين و من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط وتأمين الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم .

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
للمراسلة : alsbah@alsbah.net
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 12.03.2005