قمة شارون ـ بوش
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

مازال الغموض يكتنف الخطة الإسرائيلية للانفصال عن قطاع غزة. . فمن غير الواضح هل سيكون الانسحاب كاملاً من القطاع، مع نقل السيطرة على المعابر والحدود والميناء إلى السلطة الوطنية، أم أنه سيكون على شاكلة انسحاب مزارع شبعا؟ .. وبالرغم من طرح شارون خطته علي المجتمع الدولي وخلال قمته الأخيرة مع الرئيس بوش في الولايات المتحدة، والتي قادت به إلي حالة من الوحشية حيث عاد كالوحش الكاسر يمارس سياسته الاستيطانية بل صعدت حكومته من سياساتها الاستفزازية المتعصّبة وانتهاكاتها الصارخة للمقدسات الإسلامية والتي بلغت أقصى مداها وأبشع صورها , غير مبال ألي أي نتائج تذكر .

وكالعادة لم تسفر قمة شارون - بوش عن التزام إسرائيلي واضح في هذا الشأن ، بل كانت النتيجة على العكس تماماً رغم مطالب الرئيس الأميركي وقف جميع النشاطات الاستيطانية بل كرس شارون سياسة توسيع المستعمرات، مستفيداً من الموقف الأمريكي بشأن الكتل الاستيطانية، إضافةً لعودته إلى سياسته في طرح الاشتراطات التعجيزية، لتعطيل البدء في تنفيذ "خارطة الطريق"، وجعل خطوة الانفصال عن غزة كأنها نهاية المطاف، واستخدامها كغطاء للتوسع الاستيطاني في القدس وغزة و تقسيم المسجد الأقصى المبارك التي تعطي الشرعية للجماعات اليهودية المتطرفة لاقتحام وتدنيس الحرم القدسي الشريف..

في سياق المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتهويد المدينة المقدسة وتغيير طابعها وهويتها العربية الإسلامية، والتي هي وقف إسلامي لا يحق لأحد المساس به.

أن تصريحات الرئيس الأمريكي بوش بموافقته على الإبقاء على الكتل الاستعمارية الكبرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م وضمها لإسرائيل عقب لقائه شارون تدل على الانحياز الأعمى للمشروع الاستعماري الإسرائيلي ضاربة بعرض الحائط قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وبالاتفاقيات التي وقعت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وآخرها خطة خارطة الطريق التي رحب بها العالم أجمع.

أن هذه الممارسات العنصرية، تعد انتكاسة واضحة لجهود السلام والتهدئة، التي تمّت خلال الشهور الأخيرة . بل تعد سافر علي الرغبة الفلسطينية في تحقيق السلام وعرقلة للجهود التي تبذلها القيادة الفلسطينية تجاه التوصل لسلام عادل ودائم وشامل بالمنطقة يكفل العيش بحرية وتوفير الأمن لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي والعمل علي ضرورة تمكين شعبنا الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. .

أن مواقف الولايات المتحدة الأمريكية المتجدّدة و دعمها اللامحدود لسياسة الاحتلال الإسرائيلي العدواني ضدّ الشعب الفلسطيني، والداعم لتكريس الاستيطان في القدس ومدن الضفة الغربية الذي تمثل في لقاء بوش - شارون في تكساس، يشكل الانحياز الاعمي لإسرائيل حيث تمّ التفاهم بينهما على دعم خطة شارون للانسحاب من قطاع غزة، مقابل ضمّ المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل.

وفي هذا السياق تبقي حقيقة التدخل الأوروبي وكافة الأطراف الدولية، بالتصدي للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي المسمى "ببوابة الشرق "، والذي يعزل مدينة القدس تماماً عن الضفة الغربية، ويقسم الضفة الغربية إلى جزأين حقيقة لا بد منها لوقف هذا الوحش الاستيطاني وبالتأكيد أن دول الاتحاد الأوروبي، مجتمعة ومنفردة، قادرة على التأثير الفعال على السياستين الأمريكية والإسرائيلية، لتعطيل هذا المخطط قبل إقراره والبدء في تنفيذه من جانب الحكومة الإسرائيلية إذا ما توحدت الجهود الدولية وتوفرت النية لدعم خيار السلام والاستفادة من التهدئة الفلسطينية .

أن المجتمع الدولي والدول الدائمة العضوية، يجب أن تبادر باتّخاذ إجراءاتٍ حازمةٍ لكفّ الاعتداءات الإسرائيلية عن المسجد الأقصى وحمايته من هذه الاعتداءات المتكررة، وتأييد حقّ الشعب الفلسطيني المشروع في الدفاع عن مقدساته التي لا تفريط فيها، والعمل على إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف.

أن التمسك بخيار السلام العادل والشامل، والتأكيد علي تفعيل قرارات القمة العربية في الجزائر، و تفعيل مبادرة السلام العربية التي أقرّت في قمّة بيروت، والتي تنصّ على استعداد العرب الكامل لإقامة السلام مقابل تنفيذ إسرائيل للقرارات الدولية والتزامها بمبدأ الأرض مقابل السلام بات يشكل الخيار والأساس للعمل المشترك من اجل سلام دائم بالمنطقة .

أن السلام العادل يجب أن يكفل إنهاء إسرائيل احتلالها للأراضي العربية عام 67، في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي.

واليوم بات علي المجتمع الدولي و الأمم المتحدة والدول الدائمة العضوية والاتحاد الأوروبي، ضرورة مواصلة حماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني و ضرورة تمكينه من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف من أجل تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة ، وإيلائه الأهمية اللازمة لها، والاستمرار بالجهود الرامية للتوصّل إلى الهدف المنشود بوجود دولتين مستقلتين تعيشان جنباً إلى جنب، إضافة إلى تحقيق المناخ الأمني , وتحمّل مسؤوليّتهم الأخلاقية والقانونية، وذلك بالضغط للاستجابة لحقوق الشعب الفلسطيني في التحرير وعودة اللاجئين، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
للمراسلة : alsbah@alsbah.net
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 16.04.2005