شارون يفاوض شارون
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

ما من شك بأن المسرحية الهزلية التي مارسها أرئيل شارون هو ووزرائه وأعضاء حزبه باتت فصولها مكشوفة وواضحة ..

شارون يدعي بأنه وضع خطة وآلية للانسحاب من غزة وهو يقر ويعترف بأن غزة سينسحب منها متناسياً أن جرائم الحرب التي ارتكبها جيشه بحق الشعب الفلسطيني منذ أكثر من خمسين عاماً ما زالت آثارها واضحة في غزة وأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي شكلت خطورة بالغة على مختلف وسائل الحياة ..

أن ينسحب شارون من غزة فهذا أمر مهم في حياة الشعب الفلسطيني الذي طالما تطلع إلى هذا الأمر بل وعمل في كل طاقاته وإمكانياته النضالية للانسحاب من غزة ..

ليذهب الاحتلال إلى الجحيم فهذا الاحتلال الإسرائيلي الذي ارتكب المجازر ومارس أبشع أنواع الإرهاب بحق أبناء شعبنا الفلسطيني ليذهب إلى الجحيم وليعيش الشعب الفلسطيني حراً سيداً فوق أراضيه ..

إن شارون الذي بات مخططه واضحاً وهو الاستفادة من الوقت وتمرير مخططه الهمجي المبني على الكذب والكذب والكذب وتلفيق الأكاذيب تلو الأكاذيب لتضليل الرأي العام العالمي مستفيداً من علاقاته المشبوهة بالرئيس بوش والتي باتت غير منطقية فهذه العلاقة وهذا التواطؤ الأمريكي يدفعنا إلى الكذبة الكبيرة التي أطلقها الرئيس بوش وهي عزمه على دعم قيام الدولة الفلسطينية والتي ليس لها أي أساس من الصحة حيث تتنافى مع ما تقوم به الإدارة الأمريكية على الأرض.

إن الكذب الأمريكي يتلاقى مع الكذب الإسرائيلي وباتت اليوم المواقف الأمريكية والإسرائيلية مواقف مبنية على الأكاذيب وتضليل الرأي العام العالمي والخداع وتلفيق المواقف المنافية للحقيقة واستغلال النفوذ الأمريكي في الأمم المتحدة لإصدار القرارات المنحازة لـ "إسرائيل" .. والمؤيدة للموقف الأمريكي بعيداً عن الحقيقة وما يجري عملياً على الأرض ..

إن سياسة شارون التي باتت سياسة واضحة ومكشوفة هي سياسة عابرة ولا يمكن للكذب والنفاق الإسرائيلي أن يستمر فشارون مخادع وكاذب ولا يمكن لخططه أن تستمر لأنها أساساً مبنية على النفاق والكذب وعدم احترام الشعب الفلسطيني وحقوقه وتتناقض مع الجرائم التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية يومياً بحق الشعب الفلسطيني فمن يريد السلام ومن يريد منح الشعب الفلسطيني حريته لا يقوم بهدم المنازل على رؤوس أصحابها ..ومن يريد السلام لا يقوم بقتل المواطنين الأبرياء ويعتدي على ممتلكاتهم ويسلب حقهم بالعيش بحرية وكرامة ومساواة وأمن وازدهار.

إن شارون يفاوض شارون وبات اليوم لا يرى إلا نفسه فشارون مرآة لشارون يعتدي على حقوق الغير ويتطاول على حقوق الشعب الفلسطيني ولا يحترم هذا الشعب الذي يتطلع إلى الحرية والاستقلال..

إن شارون يوهم نفسه بأنه يصنع السلام ويجري مفاوضات مع شارون بدلاً من أن يفاوض الشعب الفلسطيني وأن يجلس على طاولة مفاوضات ليقترح فيها ما يريد ..

لقد باتت الحقيقة واضحة وهي أن شارون يفاوض شارون ولا يستطيع أن يحقق سلام ويجب أن يذهب إلى الجحيم ..

فشارون هو الأكثر دموية وإرهاباً والأكثر تناقضاً حتى مع نفسه والواقع الذي يعيشه .. ليذهب شارون إلى الجحيم وليبقى خيار السلام هو الأساس في العلاقات بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي .

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 23.09.2004