الأمن الفلسطيني أولاً
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

ما من شك بأن خطوات تعزيز الإصلاحات الأمنية والمدنية في إطار المؤسسات والأجهزة الأمنية الفلسطينية تأخذ منحى إيجابي عبر عنه الرئيس محمود عباس في سلسلة القرارات الهامة التي اتخذها مؤخراً والتي جاءت من أجل التعبير الصادق عن حرص القيادة الفلسطينية للتحرك والسير قدماً ضمن عملية البناء الوطني والتي تعبر عن وحدة الموقف الفلسطيني ومتطلبات الواقع وما يتمخض عن هذه المرحلة الحرجة التي يعايشها أبناء شعبنا من احتياجات على كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية..

إن مرحلة البناء الوطني وإعادة الهيكلة للمؤسسات الأمنية تتطلب مضاعفة الجهود ومزيد من الحرص واليقظة حتى لا نقع في الأخطاء ومن أجل عدم التسرع أمام اتخاذ قرارات من الممكن أن تفسر بأنها قرارات متسرعة أو لا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني الوطنية ولذلك يتطلب أن يشارك الجميع بفعالية ضمن إطار التوجه القيادي لبناء الوطن ومن أجل سيادة القانون والنظام والتعبير وبحرص على وحدة الموقف الفلسطيني ومن أجل وضع الرجل المناسب في المكان المناسب يتطلب دراسة دقيقة لكافة الأمور , وما يتطلبه واقعنا هو توفير الإمكانيات بعيداً عن مزاجية البعض ومن أجل العمل وفق روح ومنهجية الكفاح الوطني الفلسطيني للحفاظ على تراثنا الوطني ونهجنا النضالي وبكافة مراحل العمل الوطني..

إن المرحلة التي نعايشها هي مرحلة دقيقة وحساسة وحرجة تتطلب من الجميع حشد الجهود لدعم القيادة الفلسطينية والحرص على توفير المناخ المناسب لتنفيذ القرارات التي أصدرها الرئيس محمود عباس وفي مقدمتها القرارات الهامة والقاضية في تفعيل الأجهزة الأمنية وتوحيدها ضمن إطار التخصص لما لذلك من أهمية ومصلحة عليا للوطن والمواطن والتي هي فوق أي اعتبار ..

إن وحدة الوطن والمؤسسات الفلسطينية وتوحيد الجهود في غاية الأهمية للاستمرار في أداء المهام الملقاة على عاتقنا بهذه المرحلة وتوفير مناخ أمني لاحترام القيادات الفلسطينية التي أعطت الوطن ومازالت تقف على رأس عملها بكل كفاءة وأمانة وبروح وطنية عالية يتطلب منا جميعاً احترامها وتقديرها وتوفير الحياة الكريمة لها في ظل ما تشهده الساحة من متغيرات جديدة..

إن اهتمام القيادة الفلسطينية بتطبيق قانون التقاعد العسكري وإقراره يعد خطوة هامة نتلمسها في الاتجاه الصحيح , ويجب على الجميع دعمها وتوفير الآلية المناسبة لتطبيق قانون الخدمة والتقاعد وتوفير الاستحقاقات المالية لمن يتطلب تقاعده وفقاً لمعايير وطنية توفر لنا وحدة الموقف والحرص على المستقبل وتوفير القيادة المجربة صاحبة الخبرة في البناء والحفاظ على ثوابتنا الوطنية وأسس كفاحنا ومنهجنا الوطني ..

لقد كانت خطوات القيادة الفلسطينية تعبر عن هذا النهج الوطني وتحرص على تفعيل القوانين التي تساهم في توحيد الجهود ودعم عملية البناء من أجل أن نكون شركاء في القرار وشركاء في حماية الوطن , والحفاظ على مستقبلنا ودعم قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وتوفير الإمكانيات اللازمة للحفاظ على وحدة المؤسسات الفلسطينية في إطار الحفاظ على أمن المواطن والوطن أولاً وقبل كل شيء..

لقد كانت خطوات القيادة الفلسطينية خطوات واثقة تعبر عن روح العمل المشترك والتي جاءت ضمن متطلبات الإصلاح الفلسطيني لحماية المؤسسات الفلسطينية والتي لها تاريخ مشرف ورؤية إيجابية وعمل مبدع..

إن حرص أبناء فتح على تنفيذ سلسلة الإصلاحات في المؤسسات الأمنية يعبر عن رغبة الحركة في مواكبة البناء والإعمار وتوحيد صفوفها في إطار حمايتها من الإنهيار ومن أجل الحفاظ على وحدتها ومواقفها القوية في تعزيز ثقة المواطن الفلسطيني بهذه الحركة التي قادت النضال الفلسطيني على مدار أربعين عاماً حيث عبرت عن توفير المناخ المناسب للإصلاحات وحرص الجميع على دعم القيادة الفلسطينية للحفاظ على مستقبل الحركة ودعم مواقفها السياسية تجاه المستقبل ..

إن هذا التطور النوعي من أداء القيادة الفلسطينية يدفعنا إلى التساؤل عن مدى تفاعل المجتمع الدولي مع آلية العمل الفلسطيني التي عبرت عن قدرتها في تفهم المستقبل وحرصها على أن توفر المناخ والتهيئة السياسية لإجراء مفاوضات شاملة في ضوء ما آلت إليه الأمور على صعيد الحوار ( الفلسطيني - الفلسطيني ) وحرصت جميع فصائل العمل الفلسطينية على توفير مناخ التهدئة وتوفير الدعم المطلق للقيادة الفلسطينية , من أجل أن تحترم حكومة الاحتلال مواقفها وتوقف تحريضها ضد القيادة الفلسطينية وخاصة مواقف الرئيس محمود عباس والتي عبرت عن رغبة صادقة في دعم الموقف السياسي وإيجاد التهدئة والمناخ التفاوضي الملائم , ولكن مازالت حكومة الاحتلال الإسرائيلي ترفض منهج الإصلاحات الفلسطينية وتعبر عن نوايا سيئة مسبقاً تجاه أي تحرك يتخذه الرئيس عباس فارضة القيود على تحركاته الدولية .. حيث تعمل على إعداد ورصد الخطط لمحاصرته دولياً وتشويه صورة الموقف الفلسطيني والاستمرار في إعاقة أي تقدم على صعيد المفاوضات الشاملة والنهائية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي .. حيث تتصاعد لغة العربدة والهيمنة وإيجاد الحلول أحادية الجانب بدلاً من الاعتراف بالقيادة الفلسطينية ووحدة موقفها للدخول وإجراء مفاوضات نهائية شاملة تكفل الحق الفلسطيني ..

إن حكومة الاحتلال تعكس جو من العدوانية في قراراتها وخاصة بعد إعلانها عن خطة شاملة لضم القدس وخطة فصل جديدة للضفة الغربية أحادية الجانب أيضا ووضع العراقيل والأوهام والأكاذيب أمام تطبيق خطة الانفصال أحادية الجانب من قطاع غزة ..

في ضوء ذلك المطلوب من القيادة الفلسطينية أن تعيد النظر في سياستها تجاه التعامل مع ملف التفاوض ووضع أولويات لحماية شعبنا والحرص على دعم الموقف الفلسطيني من خلال حماية الأرض الفلسطينية والتصدي للاحتلال عبر مشاركة أوسع في صنع القرار وتوفير المناخ الوطني لدعم العمل الجماهيري والانتفاضة العارمة لمواجهة سياسة الاحتلال التي تصعد من ممارساتها التعسفية عبر مصادرتها للأراضي وفرض إملاءات جديدة على الأرض وتغيير ديموغرافي منافي للقوانين والقرارات الدولية..

إن وحدة الموقف الفلسطيني هي الأساس من أجل حماية الوطن وضمان توفير أفضل السبل لدعم صمود الإنسان الفلسطيني على أرضه وتفعيل المؤسسات الفلسطينية وبناء الإنسان الصلب القادر على مواجهة متطلبات هذه المرحلة التي هي الأصعب في تاريخ شعبنا..

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
للمراسلة : alsbah@alsbah.net
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 24.04.2005