لا سـلام مع شـارون
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

رفض رئيس الوزراء "الإسرائيلي" ارييل شارون الالتزام بوقف سياسة الاغتيالات التي تستهدف كوادر المقاومة الفلسطينية ، تمهيداً لوقف الفصائل الفلسطينية هجماتها.
كما من الواضح أن شارون لا توجد لديه أية نية لوقف الحرب ضد ما اسماه بالإرهاب الفلسطيني علي حد تعبيره ، حيث يعتبر في ذات الوقت "أنه يحظر علي اليهود التنازل عن مبدأ الدفاع عن اليهود" ... وهذا ما صرح به مؤخرا بشكل واضح أمام وسائل الأعلام "الإسرائيلية" .
يأتي رفض شارون وقف الاغتيالات بعيد تحذير أطلقته عدة فصائل فلسطينية بأنها لن تستمر في الالتزام بالهدنة إذا ما واصل جيش الاحتلال عدوانه على المناطق الفلسطينية بما في ذلك وقف عمليات الاغتيال التي تستهدف أعضائها.
ويبقي شارون سفاح صبرا وشاتيلا والقاتل الذي يحاول تضليل الرأي العام العالمي ليصنع من نفسه بطلا للسلام هو العقبة الحقيقية في وجه تقدم عملية السلام بعد سلسلة الإجراءات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية تجاه عملية السلام .
أن شروط شارون الجديدة لا تمثل إلا مزيد من تكريس العربدة والتهديد ولغة القوة التي بات يرفضها شعبنا والذي يتطلع ألي الحرية والاستقلال بعيدا عن الانحياز الأمريكي والتهديد "الإسرائيلي" باستخدام القوة لقمع الشعب الفلسطيني وصفية قيادة السياسية .. وهنا وفي هذا المجال لم عدي الرغبة الأمريكية في أحياء عملية السلام إطارها النظري ولم تصل بعد التحرك السياسي والاتصالات الأمريكية إلي مستواها المطلوب حيث بات من المهم أن تلعب واشنطن دور الوسيط النزيهة في عملية السلام بدلا من الانحياز المطلق لسياسة شارون التصفوية ويجب أن يكون تنشيط الدور الأميركي بصورة أكثر إيجابية وفاعلية‏.‏

ففي المرحلة السابقة‏,‏ كانت الإدارة الأميركية تعلق دورها تحت زعم أن الفلسطينيين يقفون عقبة أمام السلام‏,‏ واتجه الخطاب الأميركي صوب إلقاء اللوم علي الزعيم الخالد ياسر عرفات‏,‏ في نفس الوقت غض الطرف عن الممارسات والعقبات "الإسرائيلية" ‏,‏ وتسبب ذلك في تجميد عملية السلام‏.‏
أما الآن‏,‏ وبعد انتخاب قيادة فلسطينية جديدة بصورة ديمقراطية وممثلة للشعب الفلسطيني‏,‏ وقيامها بتنفيذ التزاماتها‏,‏ فلم يعد هناك مبرر الآن لتأجيل انطلاق مسيرة السلام‏.‏
من هنا‏,‏ فإن نجاح عملية السلام بات ‏ يتوقف علي مدي إقناع حكومة شارون بالعدول عن منهجها والعودة مباشرة إلي طاولة المفاوضات ‏,‏ والبدء في تنفيذ خطة خريطة الطريق‏,‏ والتوقف عن عدوانها ضد الشعب الفلسطيني‏,‏ خاصة مع جهود التي قام بها القيادة الفلسطينية تجاه استحقاق خارطة الطريق وإقناع الفصائل الفلسطينية بالتهدئة والتوصل إلي هدنة مؤقتة‏.‏
وفي ظل ذلك لا يمكن لأي خطوات أن تكون ملموسة أو تحقق تقدما بدون ضغط أميركي حقيقي علي حكومة شارون‏,‏ وبدون دفعة أميركية قوية لعملية السلام‏,‏ فمن غير المستبعد أن يقدم أرييل شارون تنازلات حقيقية وجادة صوب عملية السلام‏ والذي مازال يستخدم سياسة القوة والتهديد باغتيال المزيد من القيادات الفلسطينية لذلك كله‏,‏ فإن الكرة الآن في الملعبين "الإسرائيلي" والأميركي لتوظيف الظروف الحالية لوقف العنف وتحقيق الأمن من ناحية‏,‏ والبدء في المفاوضات وفق المرجعيات الدولية من ناحية ثانية‏,‏ ولاستعادة المصداقية للدور الأميركي ‏.‏
وتبقي الحقيقة هنا انه وبدون اغتنام الفرصة المتاحة حاليا للمضي قدما في عملية السلام من خلال حشد الدعم الدولي لتنفيذ بنود خريطة الطريق باعتبارها تشكل قاعدة متينة لإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي "الإسرائيلي" و انه و بدون أن تستعيد الولايات المتحدة دورها الفاعل مرة أخري في عملية السلام وترجمة الأقوال إلي أفعال‏,‏ وبدون أن تقدم حكومة شارون تنازلات حقيقية‏,‏ ستظل احتمالات تصاعد دوامة العنف التي يدفع ثمنها الأبرياء والمدنيون هي المسيطرة‏ وبالتالي إضعاف فرص تحيق هدنة أو استحالة التوصل ألي أجوبة مقنعة لللاسألة التي يسائلها أبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات الشتات واللاجئين الفلسطينيين الذين يتطلعون اليوم ألي الوقف الدولي لمساعدتهم من اجل تحقيق حلمهم بإقامة الدولة الفلسطينية والعمل من اجل أنصاف الشعب الفلسطيني والتأكيد علي حقوقه وإقامة دولته المستقلة القابلة للاستمرار والحياة على ترابه الوطني .
ان المرحلة القادمة هي المرحلة الاكثر حسما في تاريخ الصراع العربي "الاسرائيلي" وبالتالي لا بد من مساندة شعبنا الفلسطيني والوقوف عربيا لدعمة من اجل استرداد الاراضي الفلسطينية المغتصبة والعمل علي رفع مستوي الدعم العربي المادي والمعنوي لمواجهة شارون وحكومتة العنصرية المتطرفة والتي ترفض الاستجابة لاستحقاقات عملية السلام .

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 30.01.2005