عرفات أوكل الذئب بالغنم
بقلم : د . محمود عوض

****15/5/2002*****

*** القراءة سريعة كانت أو على مهل للخطاب الذي ألقاه الرئيس عرفات أمام المجلس التشريعي لم يكن سوى إطار واسع لصورة ضئيلة المساحة .
الإطار هو السرد المكرر لما يعرفه كل عربي وكل فلسطيني عن معاناة شعب فلسطين وهو الجزء الذي شكل تسعة وتسعين في المائة من مساحة الخطاب .
الواحد في المائة المتبقي وهو الصورة الضئيلة التي أحاط بها الإطار الفضفاض كان حديث عرفات عن عملية الإصلاح .
في هذا الجزء حرص ابو عمار على تجنب تسمية الأشياء بأسمائها فقد كرر أكثر من مرة الإشارة إلى الفساد على أنه أخطاء بل وبرر ذلك بمقولة أن الصواب يفرز الخطأ ومضى لأبعد من ذلك حين أشاد وامتدح منجزات فترة الفساد وقدم لذلك الشهود ومنهم البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى .
واضح من سياق الحطاب وتوقيته أنه لم يكن سوى نمط من الأنماط التي تكررت من الرئيس عرفات في مواجهة كل الأزمات الداخليه وهي الوعد بالعمل لحلها ولكن عبر (( لجان )) ومن ذلك مثلا أزمة المهندس يحيى عياش ومنها أزمة تقارير (( الفساد المالي )) وهلم جرا .
في هذه المرة (( أزمة المطالبة الشعبيه العارمة بالإصلاح )) ما قدمه الرئيس عرفات هو (( إحالة الأمر برمته للجنة موسعه هي المجلس التشريعي )) أي بمعنى آخر كانت إسفنجة الإمتصاص أكبر من ذي قبل وتم لفها جيدا بمنديل ديموقراطي هو المجلس التشريعي .
وجاء التوجيه الرئاسي من ابو عمار يضع أيضا إشتراطا في دراسة الإصلاح بأن لا يكون متسرعا وأن يتم حصره ضمن المستطاع .
هذا في عمومية تحليل ودراسة الخطاب وأما في الخصوصية الشخصانية للجهة التي ستتولى مسألة الإصلاح وهي المجلس التشريعي فلنتحدث عن ذلك بالموجز المفيد وهي أن الأمر كله يتطابق مع المثل القائل (( يا موكل الذيب على الغنم )) فمن بين هؤلاء الذين سيصلحون المسيرة كبار الفاسدين ومنهم مقاولون في بناء المستوطنات الإسرائيليه وغير ذلك كثير كثير .
الخلاصة هي أن الرئيس عرفات وعد الملدوغ بالشفاء ولكن وفق مقولة (( ما بيجي الترياق من العراق إلا الملدوغ ميّت ))

الدكتور محمود عوض مع التحيات