لاحظ الكثيرون غياب الطاعنيين في السن عن الإنخراط في العمليات الإسشهادية وربما يكون سبب ذلك هو إنخراطهم في مفهوم المثل القائل : "يشيب إبن آدم وتشيب معه خصلتان ، الحرص على الدنيا وطول البقاء" .
بالنسبة للرئيس الفلسطيني يمكن القول أن خصلة ثالثه أخرى تزيده تمسكا بالحياة وهي حرصه على السلطه .
على هذا فإن عجائب الدنيا السبعه ستبقى سبعه ... فالعجيبة الثامنه هي أن نسمع ذات يوم بأن عرفات لبس الحزام الناسف وفجر نفسه ، وهذا ما لن يكون أبداً .. فحدوث مثل هذا الأمر هو بحد ذاته معجزة .. ذلك أن الرجل بلغ أرذل العمر .. وقوته البدنية أوهى من قدرة حمل بطيخه فما بالك بحمل حقيبة متفجرات !
رغم ذلك كله فإن مؤشرات عديدة تدفع للإعتقاد بأن عرفات سيستشهد ويفجر نفسه .. ليس جسديا بالطبع وإنما سياسيا وهو بذلك سيدخل التاريخ كأول "مستشهد" سياسي من القادة العرب .
المؤشرات على ذلك متعددة كان من بينها مؤخرا رده العلني على تصريحات كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي حين إستنكر تصريحاتها وهي أول مرة يشمر فيها عن سواعده "للمواجهة" .
فقبل هذا التصريح كان بوش ورايس يهاجمانه فيجيء رده بإجزاء الشكر والإمتنان للرئيس الأمريكي ومستشارته .
هذا المؤشر من عرفات بأنه لم يعد يحتمل ويتحمل يفضي إلى الإعتقاد أن عرفات وبعد طول وقت ربما إكتشف اللعبة .. .. واللعبة هي أن يكون نفسه هو اللعبة .. وهي لعبة أطلق عليها إسم السلطه .
إذا كان عرفات قد إكتشف ذلك فحتما سيكون قراره الإستراتيجي هو أن يحطم "اللعبة" ويحرم اللاعبون منها .. بمعنى أن يدمر المفهوم السياسي لسلطته بجميع رموزها .. وهو ما أسميته بالإستشهاد السياسي ..
قد يتصور البعض أن ذلك كارثه .. لكني وعلى النقيض من ذلك أعتقد وأكاد أجزم انه في حالة إقدام عرفات على "الإستشهاد" السياسي فإنه سيلعب بنجاح منقطع النظير أقوى ورقة لديه بل سيستثمر "قوته" الفائقه خير إستثمار ..
ولكن كيف يمكن لعرفات أن ينفذ إستشهاده السياسي ؟
هنالك إمكانية أن يعلن من الداخل قرارا بتجميد السلطة الفلسطينيه وبالإعلان عن وقوع كل فلسطين تحت إحتلال شمولي (وهذا ما هو حاصل فعلا) ومطالبة المجتمع الدولي بالتعامل عبر هذا المنظور ..
هذه إمكانية .. أما الأخرى فهي أن يعلن عن ذلك بالنيابة عنه أمام مجلس الأمن الدولي مندوب فلسطين هناك وهو ذات الإعلان – تجميد السلطة –
كما أن بإمكان عرفات القيام بهكذا خطوة من الخارج .. من على منبر الجامعه العربيه ويعلن أنه يعتبر نفسه فقط رئيس منظمة التحرير وأن من أراد التعامل السياسي مع قضية فلسطين عليه ان يطرق باب منظمة التحرير وليس السلطة .
أتدرون أن أوراق اللعبة كلها ستتغير تماماً إذا ما إستشعرت امريكا أو "اسرائيل" عن بعد أن عرفات يفكر في ذلك .. حينها سيبدأ بوش في المغازلة وليس التهديد .. فأخطر ورقة في يد عرفات الآن .. هي ورقة القذف بامريكا وبـ "اسرائيل" في فراغ سياسي .
فعرفات أصبح في هذا المسلسل شعرة معاوية .. والشمّاعه .. وطاقية الإخفاء .. وما عليه لإنقاذ نفسه وشعبه وقضيته سوى "الإستشهاد" السياسي .
سترون معي إذا حاول مجرد محاولة فإن دعوة شرف من الدرجة الأولى ستصل إليه لزيارة البيت الأبيض ..
الإستشهاد السياسي من قبل عرفات .. هو وحده الآن .. ضربة المعلم .. بل أزعم إنه مماثل في عظمته للإنتفاضة من ناحية تأثيرها السياسي .
فهل يفعلها عرفات .. ؟؟