أقـواس أخـرى مـن سيـرتـي الـذاتيـة

د . فـاروق مـواسـي

- الجـزء السـادس -

محنـة جـديـدة


وإذا بمعلم الدين إياه يتربص بك وأنت لا تدري .
قلت في صف من الصفوف أن المسيح عليه السلام مات كسائر البشر ، واقتبست ما ورد في القرآن " فسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا " وقوله " فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ..." . فإذا بالمعلم قد هاج وماج ، وحرض الطلاب ، فمن المحظور عليك أن تقول شيئًا دينيًا ما دام هو في الحضرة . ويكتب المعلم بخطه رسالة إلى مدير المدرسة ونسخة منها للسلطة المحلية وقعها الطلاب ، و ورد فيها :
" إن هذا الأستاذ الفاضل طالما عمل على التشويش على الإسلام وعلى إيصال فكرة معينة إلى الطلاب تسيء إلى الإسلام بكلماته المغلفة ، فمثلا في 21 / 11 / 95 في الحصة الأولى طرح في الدرس آية " إني متوفيك ورافعك إلي ..." فأكد أن المسيح توفي ، ثم أخذ يسأل :
محمد سيد الأنبياء مدفون تحت التراب ، وعيسى يسرح ويمرح ، كيف هذا ؟؟؟!
عجبًا لك يا أستاذ ، أتريد أن تعلم الله كيف يتصرف ؟ اتق الله !
نسأل الله الهداية له ، وأن يكف عن تشكيكه وهجومه على الإسلام وأهله . كما نرجو النظر في هذه القضية التي تخص عقيدتنا ومبادئنا ، وأن تبحثوها بمنتهى الجدية "
طلاب تخصص الدين الإسلامي - باقة الغربية
وتطور الأمر أكثر ، فإذا بمعظم طلاب الصف يخرجون من حصتك أو تعلن توبتك .
ثم حضر وفد ديني إلى الصف ، وجرى حوار بينك وبينهم جميعًا ، وكدت تقنعهم لولا أن قرروا مسبقًا إدانتك ، وما هي إلا دقائق فإذا بالأستاذ يصرخ : أنت علمتني ، وأنا أعرف كيف تغلف آراءك .
إذن هذا من تلاميذك يا فاروق ، وها هم تلاميذك اليوم يحتجون عليك ولا يريدونك ، فاشرب ماء !

لا . لا ، لا تنس كيف وقف معك بعض الطلاب كالأسود ، وخاصة الطالبات - كاللبؤات - بشجاعة منقطعة النظير - ذهلت لها أنت كما ذهل لها الحاضرون . كانوا قلائل ، لكن أصواتهم طغت ، فدافعوا عنك وعن إخلاصك وحبك للطلاب وللمعرفة ، وطلبوا منهم أن يثبتوا كفر ما قلته ، مما جعلهم يتراجعون عن ادعاءاتهم التي بدأت حادة ، فإذا بها " يجوز الوجهان " .
لم يكفوا عنك ، فتوجهوا إلى كلية الشريعة حيث تعمل ، وتوجهوا برسالة إلى مديرها صديقك أبي زامل - الذي ذكرته آنفًا - فصدهم عن سبيلهم ، وقال لهم إن ما نسيته أنت من معرفة لن يصلوا إليه فحرام عليهم .
ولم يكتفوا بذلك ، فإذا ببعضهم يعقدون جلسة في قاعة المجلس المحلي للنظر في كفرك وخطرك على الطلاب المسلمين ، وإذا بأحدهم - وهو من أقربائك أيضًا - يصرخ في الجلسة :
" هذا سلمان رشدي " .
ووقفت وحيدًا ، فأصدقاؤك الذين تسامرهم غابوا عنك ، وأصهارك وأخوتك لم يصدقوا هول ما أنت فيه ، فلاموك على تورطك معهم ، فماذا يدعوك لأن تقول كذا وكذا .... ؟
آل بهم المآل إلى تهديدك بصورة مباشرة وغير مباشرة ، فأخذت تحسب لهم الحساب ، فمن يدريك أن أحد فتيانهم ممن غسلوا أدمغتهم يكمن لك تحت شجرة في دارك فيطعنك ؟
كنت تصل إلى المنزل فتطلق صافرة السيارة حتى يرافقك أبناؤك إلى الباب .......
ثم بدأت الأحداث بالتلاشي ، فإذا بنفر من الشيوخ في هذه الحركة يحضرون إلى منزلك بدعوى استجلاء الحقيقة ، ويكون بينكم حوار ودي أظهرت فيه معرفتك بالدين أكثر منهم ، ولكنهم خرجوا بتوصية فيها غمغمة أن عليك أن تعود إلى الهداية والصواب كما عادوا هم ، وأنك إن عدت ستكون قائدهم ووووو

وسجلت محنتك في قصيدة " أغسل خوفي " ونشرتها في الصحافة ثم في ديوان " لما فقدت معناها الأشياء " حيث كانت حاسمة ، ولا بد منها هنا :

تاريخ النشر : 11:07 17.08.04
 الجـزء الخـامـس