النجف الأشرف يحترق
قـلم : سـليـمان نــزال

سـليمان نـزال

لم أجد ما يضيفه الحزن إلى الحزن في الإحتراق الأول..الوضع نفس الوضع.. و الكلمات نفس الكلمات تقريبا و هي تصف نفس الحالة الحزينة.. و في إحتراق النجف الثاني و عذابات سكانه و معاناة كل شعب العراق خطر داهم, قد ينشر حرائق فتنته و أحقاده..لتصل إلى أجزاء كبيرة في خارطة الهم و الوجود العربي و الإسلامي..

من أجل أن يفوز بوش بولاية ثانية..لن يتردد في إدخال النيران الغاشمة إلى كل بيت عربي و إسلامي..

فهل من نيران باسلة مثل نيران الفلسطينين و العراقيين تتقدم,مسلحة بكامل وهجها المقدس, تطهر حالة الصمت و العجز و الخنوع.. و تكون بوصلة تغيير ..تهدي إلى كريق الغضب الصحيح كل حريص على وطنيته و قوميته و مقدساته ؟

النجف الأشرف يحترق بنار التواطؤ و الصمت المتحيز للغزاة الأمريكان..النجف يصطلي بنيران الخيانة التي يوقدها الخنوع العرب الرسمي و يلقي عليها حطب الغدر و الخسة عملاءُ المدرسة

العلقمية في حكومة الأذناب.. و أنذالُ هذا الزمن المسعور الأعرج الذين تعلو صدورهم الحاقدة على البواسل من شعبهم العراقي الشامخ, أوسمة أمريكية و صهيونية من طبقة مُعَذِب سجناء أول و مغتصب نساء عراقيات شريفات من رتبة خنزير تابع.

النجف الأشرف تحاصره وتقصفه وتقتل أبناءه وبناته وأطفاله وشيوخه جحافل الساديين الأمريكيين بمعونة اللؤم الأصفر و عصبة مرجعيات الإنبطاح و الفرار المتآمرة على مرجعية الحق و الفروسية و الجهاد مرجعية الشهامة الناطقة بالصدق, المعبرة عن الشجاعة بقيادة الزعيم الشاب المقدام مقتدى الصدر .

الروضة الحيدرية مرقد الأمام علي-كرم الله وجهه- تتعرض للتدمير, بينما يعتصم داخلها الزعيم الصدر مع أنصاره الذين ذكروا أنه أصيب في صدره جراء القصف الأمريكي الهمجي.

أين الشيعة يدافعون عن مقدساتهم و أين إيران؟.. إين السنة يدافعون عن أخوتهم و أخواتهم في الدين الواحد..إين العرب و سائر المسلمين؟ أين دور فاعل و مؤثر للذين يصلون في اليوم خمس مرات ؟

أم أن النجف يعاني وحيداً كما يعاني الشعب الفلسطيني, فلا حليف يتقدم للنجدة و لا معين ؟

من حق الكثيرين أن يترحموا في ظل المقارنات و النتائج على أيام الرئيس الأسير صدام حسين..مع كل الأخطاء و التجاوزات كان الوضع أفضل للعراقيين و للعرب..أم أن حرائق الغزاة و أتباعهم من الخونة و مجازرهم و جرائمهم لها ميزة و خصوصية ومذاق خاص ؟

جزء من التاريخ العربي الإسلامي يتعرض للإنتهاك.. و لا من يتحرك و لا من يحزنون..في النجف الإشرف توجد أكبر مقبرة إسلامية كانت عرضة لصواريخ و أحقاد"المحررين" الغزاة.. حيث إختلطت عظام المسلمين بأشلاء و دماء الشهداء الجدد المدافعين عن النجف الأشرف الذي يضم ايضا مرقد النبي صالح و مرقد النبي هود و مرقد الصحابي مسلم بين عقيل بن إبي طالب و العديد من قبور الصحابة و التابعين..

إعتداء القوات الغازية المجرمة على العتبات المقدسة في نجف و كربلاء, إعتداء غاشم لا يقل همجية و وحشية عن إعتداء الصهاينة على المسجد الأقصى المبارك و على تلك المداهمات و الإعتداءات التي تعرضت لها مساجد السنة في مدينة الجوامع الفلوجة المقدسة و في الأعظمية و غيرها من دور عبادة للمسلمين بصرف النظر عن كونهم ينتمون إلى الإسلام بشقيه السني و الشيعي ..

النجف يحترق لأنه رفض أن يطأطىء رأسه السامق لأوامر و ضغوط و إملاءات الغزاة و أذيالهم و من يسعى في ركابهم ذليلا..و من يعمل صاغراً لأنقاذهم من فضيحة تعذيب السجناء و السجينات العراقيات..النجف يحترق لأن مقتدى الصدر هو العزيز و هو الحكيم الحقيقي..و هو عبد الله المخلص له..الصادق عملاً.. قولاً..لا إسما ًيحمله خانع يناقضه سلوكاً و صفات و ممارسات مشبوهة..

العتبات و الأماكن المقدسة يشارك في قصفها الضعف العربي..العجز الرسمي..الهوان الرسمي.. النذالة الرسمية من الأدنى إلى الأعلى.. و الذين صمتوا صمت القبور عن مجازر الصهاينة و جرائمهم المستمرة في رفح و غزة وجنين و في كل الأرض المحتلة ..لن يقدموا لنجف و كربلاء و الفلوجة و الرمادي و بغداد و الموصل و البصرة..و للعراق و شعبه سوى المزيد من حلقات الصمت المريب المتصلة بحلقات المكائد و الرعب و الخذلان..

لأن "أباهم" في البيت الأبيض يريد أن يضمن مصالحه و أرباح و إحتكارات شركاته المتعددة و المتشابكة و ديمومة سيطرته على البترول العربي و ثروات العرب و ثوراتهم, بأن يجد له و ربما من نسلهم أتباع و وكلاء جدد, فكيف تريد لهم أن يتحركو لدعم الحضارة و التاريخ و المجد في الرافدين و فلسطين المقدسات و الرباط و البطولة و القضايا العربية و الهموم القومية ؟

إن كربلاء و النجف و البصرة وسائر مدن الجنوب العراقي يتربعون في أعز مكانة في القلوب العربية الجريئة المنتمية بنفس الدرجة مع بغداد و القدس و الضفة وغزة و دمشق و بيروت و الموصل و تكريت و كركوك و الفلوجة و كل الأنبار..و كل الأمصار و الأقطار..

إن العديد من القبائل في العراق بعضها مسلم على المذهب الشيعي و بعضها مسلم على المذهب السني, فلا يفرقهم طاغية و لا يشق صفوفهم محتل غاشم بغيض, و لا يمنعهم عن مقاومة الإحتلال أي عميل و خائن مهما أطلق من شعارات مزورة, و رفع يافطات مذهبية مخادعة لا يريد من وراءها سوى إشاعة الباطل و خدمة الإحتلال و أهدافه..

إن" المذهب الأعلى" خصوصا ًفي هذه المرحلة العصيبة التي تستدعي وحدة كل مذاهب و طوائف و إثنيات العراق المتنوعة, هو العراق الأمجد الواحد الموحد السيد الذي يعلو و يسمو فوق كل العصبيات و المنافع الفئوية..

النجف الأشرف يحترق.. و لن يطفىء ناره سوى ثواره...لو جاء الأمام علي-كرم الله وجهه- لأمر بمحاربة الغزاة..و بمحاسبة العملاء في مجلس الشياه المطيعة.. و لأعلن بصوته المجلجل مخاطباً أنظمة التقاعس المرعوبة, التي تخلت عن شعبي فلسطين و العراق: "لقد ملئتم قلبي قيحاً ..يا أشباه الرجال و لا رجال"

النجف الأشرف سيحرق المعتدين بنار صموده و بسالته المدافعين عنه و عن كل العراق..و لسوف ينتصر عليهم كما إنتصرَ الأبطال في الفلوجة المقدسة.

سليمان نزال
تاريخ النشر : 11:56 13.08.04