خطاب السفاح في هرتسليا
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

جاء الخطاب الإجرامي الوحشي الذي ألقاه الجزار العتيد شارون في مؤتمر هرتسليا السنوي , ليركز كلَّ عناصر الشر في مضمونه العدواني الحاقد, و ليثبتَ بملموس الطغيان و التعنت أن جديدَ المنطوق الصهيوني الذي بشَّرَ له, بمفردات الوهم و التراجع, البعض فلسطينياً و عربياً و دولياً و بالترافق مع كذبة إزالة "العقبة العرفاتية" هو قديم الصهاينة في لغة التحايل و المكائد و في ممارسات البطش و التنكيل بالشعب الفلسطيني الأعزل.

خطابٌ متغطرس, يستمد مكوناته الظالمة من دعم الإدارة الأمريكية و رئيسها بوش, غازي العراق و ناهب خيراته و المندفع بكل قوة و جبروت إمبريالية الإستغلال و القهر, لإعادة رسم أحلامنا و تطلعاتنا الوطنية و القومية و الإنسانية بأقلام الإستعلاء و الضغوط و الإملاءات, و بحبر الضغائن المتعصبة, على دفاتر ينتزعها المجرم شارون و ثكنته المعادية للسلام الحقيقي و العادل و الشامل, من جلودنا و اعصابنا.

خطاب السفاح شارون, تشبه حروفه السوداء حيّات توسعيه تصفوية, تسعى لغرس اللدغات فوق اللدغات في الجسم الفلسطيني النازف و المطلوب منه, حسب أجندة الخانعين, أن يستمر في نزيفه إلى يوم لا يتحركون إلاّ لتشييع الحقوق الوطنية الفلسطينية في الحرية و العودة و الإستقلال إلى مثواها الأخير..متجاهلين حقيقة أثبتها شعبنا بدماء بواسله و فرسانه عبر مسيرة أجيال و أجيال و شلالات لا تتوقف من دماء شهدائه الإبرار, حقيقة تتجسد في خيار الصبر و الشهادة و مواصلة النضال بكافة أشكاله حتى تجقيق أهدافه في إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة, عاصتها القدس, مع ضمان حق اللاجئين في العودة الكاملة إلى ديارهم و ممتلكاتهم السليبة.

كل ما جاء في خطاب قاتل أطفالنا, مجرم صبرا و شاتيلا و عشرات عشرات المذابح و المجازر في غزة البطولة و ضفة النسور, يشير بوضوح أن سكبَ بعض مياه التفاؤل المجمدة, دون مبرر و جذور واقعية ,في صحراء هذا الصراع التناحري لن يأتي بورقة خضراء واحدة تشير إلى إقتراب موسم السلام الفعلي و الواقعي و المشرف الذي يريده شعبنا مؤسساً على ثوابته الوطنية و على قرارات الشرعية الدولية التي ينسفها شارون في خطابه و بالتنسيق و الإتفاق مع بوش , كما ورد في خطاب هرتسليا العدواني.

إن حق شعبنا في العودة إلى و طن أجداده و آماله و منطلقاته و تاريخه, وفق القرار الأممي رقم 194 لا يسقط بإتفاق بين مُحتل العراق و محتل فلسطين و بقية الأرض العربية في الجولان و مزارع شبعا.

حق مقدس و لا يسقط بالتقادم..حق شخصي لكل فلسطيني مشرد من أرضه, غير خاضع للتجزئة و التلاعب و التفريط.. حق لا يملك التصرف به كل قادة فلسطين أو العروبه! هذا ما يؤكد عليه الفلسطينيون في الوطن و في الشتات و المنافي الكثيرة.

خطاب شارون, يشير إلى ضعف العرب الرسميين على وجه التخصيص.. يشير إلى النفاق الدولي في طريقة التعامل مع دولة عبرية إرهابية تستبيح دماء الفلسطينيين, في خان يونس, في رفح, في كل القطاع و كل الضفة.. دون رادع يردعها. أو جهة تحاسيها على جرائمها و إعتداءاتها المستمرة ضد شعبنا..

هنالك من الجهات الإقليمية و الدولية الخبيثة من يتعامل مع شعبنا الصابر المعطاء, و كأنه قوة عظمى أو إقليمية , يقتضي "كسر شوكته" تضافر و تحالف كل الجهود في مجالات التواطؤ و الإجبار و الصمت و القمع حتى يعود إلى رشده.. و يوافق على الإستسلام المهين المغلف بشعارات السلام و التهدئة!

ساذجٌ من كان يتوقع أن تفصحَ الأفعى الصهيونية عن شيء آخر سوى السموم و الأكاذيب في خطاب الجرائم الذي أعقبته مجازر و نسف بيوت و تجريف و توغلات في خان يونس و في غزة هاشم.

فهل يبدأ الفلسطينيون زمن التغيير الجذري وينتخبون رئيساً, في التاسع من يناير القادم, مؤتمناً على ثوابتهم و حقهم في العودة إلى وطنهم, و يفصحون عن مضمون خطاب سياسي واضح موحَد موحِد,تنطق به ألسنة كل ألوان الطيف الفلسطيني و تشكيلاته, فيأتي الرد, معبراً عن أدق و أروع صور في برنامج نضالي عملي مشترك, يتعاطى بحزم مع خطاب السفاح في هرتسليا, مع فحواه و فحيحه؟

___________________
سليمان نزال
19.12.2004