حوارات الصرخة الأخيرة..
قـلم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

ما أكثر الحوارات الفلسطينية وما أصغر النتائج التي أسفرت عنها جولات الحوار بين الفصائل و التنظيمات الفلسطينية, في الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني الباسل إلى إرهاب منهجي منظم ترتكبه بحقه دولة الكيان الصهيوني, المدعومة من الإدارة الإمريكية المتغطرسة و من كل جهات السكوت الباطل و الصمت الدولي و العجز الإقليمي.

و يحدثونك عن حوار في العمق, فلا نرى في أعماق المعاناة و المكابدات اليومية ,جدية في الحلول..و نرى مهارة في التكتيكات التي تستخدمها الأطراف الفلسطينية, بمختلف إنتماءاتها , فيما بينها في مواجهة بعضها البعض..و تختفي معالم و خطوط هذه التكتيكات السياسية الذكية و الموحدة في مواجهة المكائد السياسية الصهيونية و خطة المجرم شارون للإنسحاب من غزة الآخذة في التحقق في خطوات عملية تهدف إلى إ الحاق المزيد من ضربات التأزم و الإرباك في الحالة الفلسطينية, المرتبكة أصلاً..

فشارون السفاح الذي يرتكب مجرزة أو جريمة إغتيال ضد شعبنا, مع كل طرفة عين..لن يعطينا ذرة من حقوقنا الفلسطينية , طائعاً مُختاراً..فهو يهدف إلى إصابة عدة أهداف في ضربة إنسحاب خبيث واحدة!

إن شارون و حكومته من القتلة و المجرمين..و قد أدركهم الفشل الآمني الذريع في إخماد جذوة التحدي و العنفوان في إنتفاضة الإستقلال و الأقصى, سيسعون إلى تصوير الفلسطينييين, دوليا و إقليمياً, في مظهر العاجز على ضبط الأمن و بسط النفوذ في غزة بعد إنسحابه و تفكيك مستوطناته من قطاع غزة.. و ما توقف سعيهم الصهيوني الشرير إلى خلق فتنة فلسطينية داخلية و المراهنة على فراغ مفاجىء تملأه النزعات و الصرعات على النفوذ و السلطة و المصالح و الفساد و الأجهزة الأمنية الفلسطينية في حالتها المعروفة.. و بهذا يتفرغ إلى ضمان عدم تعرض ثكنته الشريرة إلى ضربات موجعة, و يخفف من أثقال الأزمات المتعدة و المتراكمة, التي جلبها نتيجة سياسته الدموية الفاشية للمجتمع الإسرائيلي, و تلك التي إلحقتها الإنتفاضة المباركة بالعدو على شكل أزمات مستفحلة إقتصادياً و إجتماعياً و أمنيا و سياسياً و دون أن ننسى سمعة إسرائيل الإرهابية العنصرية التي تمرغت في وحول الإدانة كدولة تهدد الأمن و السلم العالميين..

لهذا كله, كل جهد تبذله الفصائل و السلطة, في حواراتها و في أنشطتها المتنوعة, يبذل في سيبل غير سبيل الإرتقاء بالحالة الفلسطينية الصعبة, و التوصل إلى برنامج سياسي واضح موحد, مُلزم للجميع, و حل مشكلات الجماهير الفلسطينية, و لمّ شتات المواقف و الإتجاهات المختلفة, هو جهد مهدور..

ماذا سيربح التنظيم الذي يتعرض للمذابح و التصفيات الصهيونية من التنظيم الذي يتعرض للمجازر و الجرائم الصهيونية؟

إن لغة تسجيل المواقف..ينبغي أن تذهب إلى غير رجعة..لتسود لغة التفاهم و تحمل المسؤولية المشتركة بين كافة القوى و الأحزاب و الحركات الفلسطينية...و أغرب ما في الأمر , في هذا الصدد, أن البعض لا يستطيع إلاّ أن يستعمل لغة "الفاكهاني" في مناوراته و تحركاته و حواراته.. مع أنه يمكن أن يتكلم بلغة أخرى واقعية و صريحة , يستطيع أن يفهمها بسهولة كل مقهور..

في قضية الإنسحاب الشاروني المزمع حصوله..إننا مقبلون على نصر حقيقي -مثل الإنسحاب الإسرائلي الذليل من جنوب لبنان- او على تجرع علقم و مكونات أزمة جديدة.. و هذا يتوقف على قدرة الفصائل الفلسطينية على توحيد رؤاها السياسية.. و تجسيدها في مواقف ومبادرات جريئة, تُفشل أهداف المجرم شارون و مخططه الرامي إلى سجن الفلسطينيين داخل قضبان "دويلة" شكلية في قطاع غزة, بحيث يرغم شعبنا, شعب التضحيات الهائلة, و البطولات الأسطورية, على النزول من جبل الثوابت الوطنية الفلسطينية نحو وادي القنوط و الإحباط, و هذا لن يحدث طالما أن عطاء البواسل و النسور من شعبنا متواصل.. فلا ينامون على ضيم و إجحاف..
___________________
سليمان نزال
تاريخ النشر : 20.09.2004