العـرب و مقدسـاتـهم..
قـلم : سـليـمان نــزال

سـليمان نـزال

حرائق تتابع.. تستهدف الفكرة و المعنى قبل أن تستهدف المسجد الأقصى و بقية المقدسات العربية و الإسلامية..إنفجارات في قلب التاريخ العربي و الإسلامي, تستهدف الذاكرة و حمولتها الحضارية و إنجازاتها العظيمة , و منابرها و معالمها و أبطالها و أيامها المضيئة في الوجدان, و التي تشكل مرتكز للإنتماء الجمعي, للفخر في رغبة التوق و الإستعادة و النهوض.

إذن, ليست هي مجرد مناسبة مع الذكرى الخامسة و الثلاثين لإحراق المسجد الأقصى المبارك,على أيدي الصهاينة و " مجنونهم" الأسترالي..فالإعتداءات الصهيونية مستمرة ضد الشعب الفلسطيني, بهدف"إحراق" كينونته, و إشعال النار في حقوقه الوطنية المشروعة, و إطلاق النار على مكونات هويته الوطنية و إمتدادها في العمق القومي و الإسلامي, إن نار الأساطير و الخرافات الصهيونية إعتدت على الفلسطينيين و العرب و المسلمين و أضرت بمقدساتهم و بأرضهم المقدسة و بإنسان هذه الأرض المباركة, أكثر من أي نار حاقدة غازية أخرى.. و التحالف بين مطلقي نيران أحقادهم على العرب و المسلمين ظهرَ في إحتلال العراق و التنكيل بشعبه, و تجلى في عملية "حرق" و نهب كنوزه و متاحفه و آثاره ,و يتأكد الآن أكثر و أوضح, في عملية تدمير مدينة النجف الأشرف و قصف الصحن الحيدري و تدنيس مرقد الإمام علي إبن إبي طالب - كرم الله وجهه - .

أمام مشاهد الدخان الذي يرتفع و يتصاعد من المساجد و الحسينيات و الجوامع و المراقد و المقابر و المقدسات بأرض الشموخ و الرباط و بأرض المجد و المقاومة العراقية الباسلة يقف المشاهد العربي جامداً و مذعوراً.. يتلفت حوله حتى لا يسمعه كبير الغزاة يتلفظ ببضع كلمات خائفة قد نفهم منها, في أحسن الأحوال, خشيته على الإضرار بعملية السلام نتيجة تدنيس مرقد صاحب نهج البلاغة الفتى الباسل , إبن عم الرسول العربي الكريم محمد إبن عبد الله -صلعم- و نتيجة المجازر و الإغتيالات و الإعتقالات و الإنتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني, شعب الصبر على الشدائد شعب الإنتفاضة الفلسطينية المجيدة, إنتفاضة الأقصى..شعب البطولات و العزائم و الشجاعة .

كيف يتعامل العرب و المسلمون مع مقدساتهم؟ قضية أصبحت محيرة..مثل لغز قد تلحق اللعنات و الإتهامات بكل من يحاول حله و فكه على أرضية التحليل المعلن..

إذا كان العرب , شعوبا و حكاماً, لا يتحركون في مثل هذه الحالات و المواقف المفصلية التاريخية الخطيرة, متى يتحركون, يتظاهرون, يقدمون على فعل حقيقي, مؤثر, يجبر أعداء هذه الأمة الجريحة التوقف عن الإستهانة بهم , بكرامتهم , بمقدساتهم , بحقوقهم ؟

نرى إلى شعوب تتعلق بأهداب المعاني...تهرب من النبيل إذا كان مُكلفاً..يستدعي دفع الأثمان الباهظة..لكن الفلسطينيين يدفعون أكثر من الأثمان المرتفعة و التضحيات الخالدة العالية في دفاعهم المستميت البطولي عن ثوابتهم الوطنية و مقدساتهم و كل حقوقهم,,بل يتجاوزون ذلك العطاء الأسطوري, دفاعاً عن حقوق العرب و المسلمين,في ذلك الربط الحكيم بين دوائر الإنتماء في صيرورتها الوطنية و القومية و الإسلامية..

أنظمةٌ تزني بصمتها..لا تريد أن تتغير من تلقاء نفسها و بناءً على رغبة و مصالح و مطالب شعوبها..و لا تريد أن تتغير بناء على أوامر الإصلاح الإنتقائي اللئيم الإمبريالي-الصهيوني..تظلُّ تتمسك بكراسيها , بإمتيازاتها, بشهوة السلطة.. و هي تتمسك بنقطة بين حريقين, لكنها لا تدري..

و التغيير جبال عالية من جلاميد التخلف و الجهل..لا تتحرك من أمكنتها المظلمة.

إذا كان العرب يستهينون بمقدساتهم, و لا يتعلقون إلا بما لا يضرهم شخصياً , كيف لا يتعرض الأقصى العزيز للحرق.. و يذهب منبر العادل نور الدين زنكي رماداَ.. و يدنسه شارون بزيارته الحقيرة الشهيرة- التي كانت أحد أبرز أسباب إندلاع الإنتفاضة الثانية المستمرة حتى النصر و العودة و الحرية و الإستقلال الكامل-, و يتعرض لإنتهاكات دائمة من الصهاينة و تهديد بقصفه من الجو بطائرات..

أين الجامعة العربية, أنظمتها..المؤتمر الإسلامي, دوله..أين جيوش العرب..أين الأحزاب العربية..الجماهير و قياداتها..الجمعيات..الإتحادات. النقابات ..مراكز الإبحاث ... ؟

أسئلة تندلع فيها النيران الناقدة.. و الأجوبة محترقة..

سليمان نزال
تاريخ النشر : 20:47 21.08.04