خنازير الغابة الوحشية
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

مدت يدها الاحلامُ..كادت أن تمسكَ تحت الشمسِ الصديقة كنوزَ فرحي..لم يكن قد غادر الصهيل بعد مرتفعاتي, حين أخذت الخنازيرُ تحشد أحقادها و سيوفها و تتوغل في جرحي وتضاريسه الممتده بين نهرين و مستقبل..

تحركت الغابة الوحشية بظلامها و أكاذيبها و طعناتها.. و إنتشرَ البثُّ المخاتلُ المبرمج عبر أقمار و طائرات الزيت الأسود, في أرجاء الصمت و الدم و التشظي..و كانت يد الحلم تقاوم و تكفكف الدموع التي سقطت على وجنتي الحقيقة.

كان الإفتراء يأتي محمولاً في سفن..و في أفئدةٍ معجونةٍ بالأطماع..مصقولاً , لامعاً, كان يأتي..كان يُتلى من على المنابر الدخيلة..

في صبيحةِ يوم ملبد بالأسى, حدثت المواجهة المباشرة..أدركتُ أن صدورَ الخنازير لا تتسع لغير رماحي و طلقاتي..فتقدمتُُ و تقدموا..

قاتلتُ من بيت إلى بيت..و من جرح إلى جرح, قاتلتُ..نفذت ذخيرتي.. حوصرت..كان كل شيء حولي مُدمراًُ.. البيوت..المساجد .. المدارس..الجسور ..الطرقات..كان الدمُ يهمي غزيرا ً في شوارعِ العروبة.. و أنا أنقلُ غضبي من زواية إلى زواية. من جدار مهدم إلى جدار لا يحميني من قنابل و صواريخ و هجمات الخنازير الغازية..

أُصبتُ برصاصة في كتفي..تجلدتُ و لم أصرخ..إستقرت رصاصة ثانية في قدمي, أطلقتُ صرخة مكتومة لم تسمعها سوى روحي الثائرة..نزفتُ كثيراً.. غبتُ في دائرة من سواد و ألم ممض.

وجدتني مكبلاً بالسلاسل..معتقلاً في منطقة الخنازير و التوابع..لم يسعفوا جراحي..لكنهم كانوا كرماء! حين مزقوا قميصي.. و سمحوا لي بإستخدامه كضمادة..لم أسمح لهم بإستخدام جسدي النازف كمنفضة سجائر..لكنهم إستخدموه..ثم بدأ التحقيق..

قال كبير الخنازير: سنسفُ بيتكَ و ندمر أحلامكَ. ثم توالت الضربات..

قال مساعد الخنزير: سنجرفُ حقلَ إبيك و نفجر بنية أفكارك..و إستمرَ التعذيب..

قال رئيس أركان الخنازير: سنغتالُ رموزكَ و نرميكَ إلى نار اليأس حطباً.. و تواصلت المجازر..

قال الناطق بلسان القرود المتحالفة: سنقتلُ أطفالكَ و سنجتاحُ كلَّ مدنك و قراك..و سنرغمكَ على الإستسلام..قتلوا الأطفال و النساء..إجتاحوا.. أحرقوا ..نكّلوا بالناس..

إنتهى التحقيق..وضعوني في زنزانة إنفرادية..أرسلتْ كلُّ المكابدات عناوينها الحزينة إلى جسدي..تحاملتُ على نفسي و وقتي..و أخذتُ أقرأ سطورَ الصبر و الرجاء في يدِ الأحلام..و أطوفُ بقلبي و خيالي على بنية أفكاري..فأراها متماسكة..و أبصرُ الرموزَ باقية و خالدة..و لم أرفع راية بيضاء .

___________________
سليمان نزال
21.11.2004