عندما تكون فلسطينياً..
قـلم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

عندما تكون فلسطينياً, ستدنو من نهر إصرارك النضالي الذي يمزج الخصبَ الفدائي إلى غاياتِ الشروق و تقول له: يا نهرنا العنيد هيا بنا نواصلُ مسيرةَ التدفقِ و الفداء, نلتزم جهات الجموح الدائم و تقول أيضاً : قافلة البهاء و المجد الإنتفاضي مستمرة حتى الظفر و طرد الظلام المستبد العدواني و جنوده و ذئابه الصهاينة.أن تكونَ فلسطينياً يعني : أن تقرأ على جرحك و لنفسك كل يوم بيان الذاهبين إلى الشموخ و الصبر و الوحدة الوطنية و التماسك .

بواسلٌ لنا يدكُّونَ بنارِ الإستقلال الآتي قلاع المستوطنات دكاً, بكل كتائب الفخر الوطنية و اليسارية و الإسلامية, أهم بكثير من تصريحات ومواقف عرجاء ناقصة, تتلوها علينا بلؤم مخلوط بالخزي و الهوان الجهات المريضة و الصامتة على عذاباتنا و نزيفنا اليومي.. فيصفق لها الكثيرون من ضعيفي الصلابة و فاسدين النوايا و مهزوزي الهمم الذين ينتظرون" فرج" الإستخذاء على أحر من الجحيم!

عندما تكون فلسطينياً تكون مع الفدائيين الأفذاذ ,الذين هم رغم كل صنوف العراقيل و الصعوبات و العذابات, يدربون زمن الجراح الصابرة ان يسمو على الآلام , أن يكون مطواعاً بكل ساعاته لأوامر الدم الطاهر يسكبونه على أرض الوطن, يتركونه يكتب أبجدية الإنعتاق و حروف النشيد السيادي الفلسطيني التام, فتمسي أهدافهم الوطنية أكثر إلتصاقاً بكل حبة قمح من بيادر رؤاهم التي تحتضن البلاد جذوراً و تاريخاً.

عندما تكون فلسطينياً, سيكون الحياد في معركة المصير و العودة و الكرامة, وصمة عار على جبين مرتجف و منسحب إلى الداخل النرجسي على حساب الوطني الجمعي العام الذي يتطلب وحدة و تماسكاً و عملاً و تفاهمات و حوارات صادقة , في أقوى خيار ممكن للقاسم النضالي المشترك حيث تتقدم الضرورات المصيرية و الكيانية, على الخاص من الأفكار و المنطلقات الذاتية.فلا يمكن في ظل الهجمة الصهيونية الإرهابية الذئبية ضد شعبنا في الوطن,أن تتمكن من الإبحار المأمون, مراكب و زوارق الإستقلال الحقيقي و الحرية المنشودة و العودة الميمونة دون أن يحمل كل مناضل في مختلف المواقع و الإتجاهات مجدافاً أو يساهم في صنع شراع أو يشترك في طرد الرياح المعادية أو يكون على الأقل منتظراً في ميناء التحرر و السيادة و بيده يحمل زاداً للمتعبين, أو تلويحة تحمل معنى التضامن الفلسطيني.. المعركة معركة الجميع, العدو عدو الجميع. أن تكون فلسطينياً, يعني أن تكون خصماً عنيداً للإنحرافات و لكل صنوف المفاسد و المباذل والمحسوبيات و الإلتواءات الضارة , و أن تؤمن بالحوار الوطني و المصارحة و تقول الحق دون أن تنتظر مكافأة من أحد رغبة في منصب أو خوفاً من سلطة..

عندما تختارَ أن تكونَ فلسطينياً منتمياً, ستفضل دائماً و رغم حلكة الظروف و مختلف أنواع الضغوط و الأوضاع القاسية التي يمر بها شعبك و قضيتك, ستفضل الوقوف , بثبات على مرتفعات الصلابة , الإنتساب للبلاد و للقيم النضالية و العناد في مواجهة الأعداء الصهاينة أينما كانوا أو تواجدوا, و لسوف تطلق في كل يوم كفاحي صرخات الرفض و النفور و تأبى الذهاب إلى منحدرات الراحة الرسمية..أو الدخول في طقوس التبديد , حيث المنخفض الهادىء يؤمن لقمة عيش مغمسة بالمذلة و النفاق و أمان كاذب ينسف مع الذات كل جسور الإحترام.. عندما تكون مع الفلسطينيين , تزيح عن كاهلك- كمواطن عربي- أثقال قيود الصمت الإستبدادي الحكومي و غياهبه القمعية, حين يتعلق الموضوع بمواجهة الصهيونية و حليفتها الإدارة الأمريكية, هذا الصمت الذي يتحول إلى ثرثرة إعلانية ممجوجة, مموهة المقاصد في ساحة المزايدات و العناوين الزاهية اللاهية و الفضائيات الراقصة.

عندما تحرص على فلسطينيتك ضاربة الجذور في أعماق العروبة و الإسلام.. تثق بقدراتك الشعبية على إحداث التغيير الذي يستبدل الإستبداد بحرية الرأي , بالتعددية و الديمقراطية الشعبية, صحيحة الجذور, داخلية المنطلقات و الأهداف, تعمل من منطلق أن الصراعَ ضد القهر و الإلغاء و المصادرة, يتواشج و يتقاطع مع النضال ضد الصهيونية و الإمبريالية في آخر صيحاتها و تلاوينها الإحتكارية.. الغازية , الناهبة, الإرهابية, المقيتة, المعولمة.

عندما تكون من الفلسطينيين المؤمنين بإنتصار الإنتفاضة و أهدافها التحررية, تشعر أن آفاق الإنتساب لفجر البلاد و بطولة الشهداء الأبرار و تضحياتهم الجسيمة الغالية,تطوي تحت أجنحة شموخها كل مخططات الأعداء و تنازلات الخانعين, فلا تبقي لهم غير الخيبة و الفشل. عندما تكون مع الفلسطينيين شعباً , إنتفاضة, تدرك أن يد الإنتفاضة المباركة القوية, غير قابلة للكسر و أنها فوق يد المترددين و المطبعين! و تعلم أن للإنتفاضة الباقية رغم محاولات الإنهاء و الإستثمار الخاطىء سواعد وزنود قوية تدق أبواب الظلم و الحصار بقيضة زلزال, فتمضي إلى الحطام كلُّ الأسوار الواقية لمجرم الحرب شارون و عصاباته البربرية.

عندما تكون من الفلسطينيين توقن أن دولتك القادمة المستقلة, موفورة السيادة, إنما تجيء عبر التضحيات و شلالات الفداء و العطاء و سنوات الصبر و القتال, مغمورة بالفيض السرمدي, بالبهاء الدائم و ليس من خلال تصريحات و خطط إجرامية .. يطلقها المجرم شارون .

لا مؤقت غير الإحتلال الهمجي و حكم و هيمنة من يدعم مجازر و جرائم إجتياحات و إعتداءات جيش الإحتلال الصهيوني المجرم .

و تكون فلسطينياً بالموقف الجريء , لا بحكم الولادة..بمسقط الدم تكون, لا بمسقط الرأس و العشيرة..بل بمسقط الإنتماء.
___________________
سليمان نزال
تاريخ النشر : 24.09.2004