رهـائن و أسـرى
قـلم : سـليـمان نــزال

سـليمان نـزال

طلقاء في إراداتكم البهية و الشارع العربي أسير يشقى في قيود الجهل و العجز.. يرقد في زنزانة الذات و أبنية الإستبداد و القمع العُليا. أما غيوم التعاطف و التضامن العربي و الإسلامي و الدولي مع قضيتكم و مطالبكم العادلة الإنسانية, فأنها من جنس الغيوم الحجرية أسيرة الجدب و الموات, عديمة البركة! تسقط على الحقيقة الخضراء فتحيلها إلى مساحات معتمة, لولا ضياء هذه العزائم و تساميها لديكم يا أسرانا و رهائننا البواسل..إصرار ملائك الفجر على تحطيم قيود السجن و أكبال و أغلال القهر و المعاناة و التعذيب و إختراق مساحات السواد العدائي بنيران التحدي و سناء الصبر على الجوع و الشدئد.

تلك الجهات الذليلة التي لا تنتج قمحاً و لا مواقف رجولية..لن تقدم سنبلة كريمة, غير مغمسة بخمائر التبعية و الخنوع, للرجال الرجال و الصقور الصقور, الأسرى الأبطال, الذين لا يأكلون من خبز الهوان و الإذلال , و لا يضربون بسيفه الإحتلالي الهمجي البغيض.

القمح في أرضنا.. الزيتون في أرضنا.. الينابيع في أرضنا..الخيرات في أرضنا..لقمة الصباح الأولى في أرضنا المغتصبة...رغيف المساء بالزعتر و الأمنيات و عرق الجباه العالية من جنى هذا الرباط و ترابه المحتل.

من أنهاري تعطيني أيها الجلاد قطرة ماء منزوعة الملح..ثم تتحدث عن إسرائيل الديمقراطية! هي عنصرية في مرتبة فاشية متفوقة..إبتزت كل جرائم و مذابح الغزوات و الإحتلالات, عبر تاريخ البشرية, في بطشها و قسوتها و ساديتها, كما تفوق على نفسه في مباذلها و سقوطها و إنحطاطها و خستها السفاح شارون المجرم, مرتكب المجازر و المذابح و الإغتيالات الجبانة في غزة و جنين و مخيم جنين و نابلس و مخيم بلاطة و طولكرم و رام الله و الخليل و قلقيلية و طوباس و قباطيا و بيت لحم و صبرا و شاتيلا و مخيم البرج الشمالي و الرشيدية و رفح و دير البلح و النصيرات و الشاطىء..و كل مدننا وقرانا و مخيماتنا الفلسطينية

من كل حقولي و بساتين أهلي و جذوري و إشجار إنتسابي و أجدادي و تاريخي..تقدم لي أيها السجان شجرة مقتلعة بجرفات حقدك ثم تدعوني للتمتع في ظلها الجريح, ثم تدعي كذباً و خداعاً, بهدف تحسن صورتك البشعة, دولياً, التي لن تحسنها كل وسائل إعلامك المخادع الإخطبوطي القذر و كل شبكات اللؤم و التجاهل التي تساندك و تغطي على جرائمك المستمرة بحق شعبي الفلسطيني الصابر, بأنك تحترم حقوق الإنسان, كأن كيانك الإحلالي الإحتلالي لم تتلطخ سمعته في الوحل العالمي و جميع وحول الإدانة و العار.. و لم يفز "بجائزة" أكثر الدول التي تهدد أمن و سلامة المجتمعات البشرية..

طلقاء في صمودهم على الجوع..مستمرون في إضرابهم حتى تتحقق مطالبهم و لتشبع أنظمة الخزي و الإستجداء و التواطوء من طعام الذل و المهانة..حتى درجات التخمة و الجمود و فقدان الكرامة و الشرف.

إن أسرانا ليسوا مجرد أسرى ومعتقلين, تعذبهم حكومة إسرائيل الدموية..و تعاملهم بما يخالف المعايير الإنسانية و الإخلاقية و بما يتعارض مع إتفاقية جنيف الرابعة وكافة المعاهدات الدولية, لكنهم, في الجوهر ,رهائن دولة مصطنعة مغتصبة تحبس و تسجن و تغتال من تشاء, من أبناء و بنات شعبا الرازحين تحت إحتلالها الغاشم, و في هذا السياق, أن كل شعبنا في الأرض المحتلة يعيش حالة الأسر و العسف و التنكيل و الحصار و التجويع و الإذلال..

أسرانا و معتقلينا رهائن تحت أيدي الجلادين., رهائن لعدو فشل في إخماد إنتفاضتهم المباركة. رهائن لعدو مجرم فشل في دفع شعبنا - رغم مسلسل مجازره و إغتيالاته و إعتقالاته و إنتهاكاته المستمرة يومياً و صمت القبور القريبة و البعيدة- لرفع الرايات البيضاء و التخلى عن حقوقه و تطلعاته الوطنية السيادية. إن شعبنا في كل أماكن تواجده في الأرض المحتلة معنقل لدى الثكنة العبرية الإجرامية, يناضل و يقدم أغلى و أسمى التضحيات, في قوافل و مواكب الرفعة و العطاء الأسطوري و الخلود العظيم, من أجل إنتزاع حريته و التمكن من تحقيق ذاته, و تأكيد كافة شروط و مستلزمات وضعه الكياني في هوية مستقلة لا تكتمل صفاتها, بكل مكونات العزة و الشموخ, دون العودة إلى الممتلكات السليبة و بناء الدولة الفلسطينية الحرة, موفورة السيادة.

إن أسرانا - رهائن الكيان الصهيوني- يتمتعون بحرية الشجاعة و طلاقة و صلابة الموقف البطولي, في حين تُحرم من هذه الخصال و السمات النبيلة دول و شعوب و شوارع و قبائل و حكومات و أحزاب عربية و إسلامية كثيرة جداً.

سليمان نزال
تاريخ النشر : 22:17 30.08.04