تصفية "عادلة" وإنسحاب ظالم !
بقلم : سليمان نزال

سليمان نزال

   
ومن أعالي الصهيل تأتي أسئلة فلسطينية عربية كثيرة , مباشرة وغير مباشرة وبعضها يأخذ شكل أجوبة حائرة .. أسئلة .
تحاول ان تلمسَ معدنَ التحولات المريرة, بيد فلسطينية ذاهبة الى الجواب التحرري بكامل زينة صحوها وتمردها الجليل .. وتكرُّ سبحة الأسئلة المشروعة .. التي هي أكثر من تساؤلات وإستنطاقات متحدية , وشكوك لها مخاوف وأسس .

هل أقفلَ التاريخ العربي والإسلامي أبواب مآثره وإنجازاته بوجه العرب الرسميين, فباتوا يتدخلون في شؤون جراحنا في غزة الأبطال وضفة النسور, تمهيداًً لإخماد إنتفاضة الأقصى والحرية والعودة , لعل تماشيهم مع خطة اللؤم والجرائم والمكائد المتمثلة في إنسحاب صهيوني شاروني أحادي الجانب, من مستعمرات غزة ومسلسل خضوعهم لضغوط وتعليمات وأوامر أخطبوطات القوة العظمى الغاشمة, المتحالفة مع الصهيونية في كل ملفات الشر والعداء للعرب , ينقذ حكوماتهم التي سهلت عملية إحتلال العراق وإغتيال مكانته من دفع فواتير الأزمات والمشكلات الإقتصادية والإجتماعية التي ترزح تحت أثقالها وأهوالها اليومية شعوبهم المقهورة ؟

هل تصور أحدهم أنه يقصد غزة فلسطين فاتحاً على طريقة القائد العظيم عمرو بين العاص ولكن في الإتجاه المعاكس ؟
إن الفلسطينيين العرب الذين يحملون كل مشاعر التقدير والود المحبة للشعب المصري, وينحنون إجلالا أمام تضحيات وشهداء الجيش المصري , لن يقبلوا أن تتحول حقوقهم وأهدافهم وتضحياتهم الغالية إلى حالة أمنية وإرسال خبراء ومدربين لتعليم الفلسطينيين كيفية المحافظة على أمن إسرائيل, قبلَ أمنهم , هذا وضع قد تفقد السيطرة عليه , ليقود إلى صراعات داخلية فلسطينية في ظل إنسحاب منقوص, مشوه , إنتظاري , على دفعات أربع وشروط إبتزازية , لا يضمن للشعب الفلسطيني وقيادته بسط السيادة على الحدود والمعابر والمياه والبحر والأجواء السيادية , كما أن هذا الإنسحاب الصهيوني المرواغ , يتعارض جوهرياً مع خطة الطريق بالرغم من كل مساوئها وثغراتها , وينقل المجرمين والمستوطنين من أرض فلسطينية في غزة إلى أرض فلسطينية في الضفة .. وأرض فلسطينية محتلة في النقب , حيث يشكو الصهاينة من واقع ديمغرافي يشير إلى زيادة سكانية عربية فلسطينية بالمقارنة مع عدد المحتلين !

كيف يبتلع جدار الضم و التشريد والعزل وسرقة الأرض الفلسطينية مساحات أكبر بكثير من قطاع غزة هاشم, ليشطب عملياً إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة حقيقية دون أن تندفع جهود الوسطاء من عرب وعجم ضد هذا الواقع الإحتلالي المسعور , المنفلت من كل الضوابط والقوانين والمعاهدات الدولية ؟
واذا كان السيد مدير المخابرات المصرية عمر سليمان كغيره من الوسطاء والمبعوثين , حريصاً على التوصل إلى حلول عادلة متوازنة, تتوافق مع مقررات الشرعية الدولية , لمَ لا يطالب بعودتنا الى بلادنا السليبة, وفق القرار الأممي رقم 194 , فيساعدنا كممثل لدولة عربية كبرى ومهمة وشقيقة على نيل الإستقلال بديلاً عن التفاوض مع من لا يريد التفاوض على الإنسحاب الكامل من كل الأرض العربية المحتلة بلا أية استثناءات , بسبب هواجس أمنية ومناخات إستباقية عدائية ومتاهات وأسوار تسلطية وأساطير وإدعاءات كاذبة ؟

ثم من الذي نتفَ ريش السلام الحقيقي

حمامة السلام
غير حكومات إسرائيل العنصرية الإرهابية , بسياسات الحقد العنصري الهمجي الحافل بالمجازر والإعتداءات التي لا تتوقف ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل المتروك للعذابات و الآلام , بلا حماية دولية , دون أن تتقدم إليه يد منقذة لصديق فاعل .... عن أي إنسحاب يتحدثون ؟ ما هو محتوى هذا الشيء الهلامي , الغامض ؟؟ حقوق أم ضياع تاريخي للحقوق أم خيبات للأمل جديدة ؟ هل يريدون إنسحابا ملغوماً, واجهة خداع شاروني للمجتمع الدولي, درب هروب على ظهر شعبنا من أزماته وفضائحه ومشاكله الوزارية , هل يريدون إنسحابا تضليليا يقود الى الحرب المستمرة , أم هي حرب متواصلة ضد شعبنا وأمتنا..تحت يافطات مشروخة لتصفية "عادلة" !!

كيف يستطيع أي زعيم فلسطيني أن يقنع بالسلام مع شارون, حتى طفل فلسطيني رضيع يسأل أمه بلثغة ملائكية , بريئة عن غياب أبيه الشهيد...عن جرح أخيه وسبب إستشهاد قريبه وأسباب دموع أخته وأمه وألعابه ؟
إن المناخات والأجواء الإجرامية..الإستبدادية, المتعجرفة لا يمكن لها ان تصنع سلاما دائماً أو شبه دائم ..
أما إذا أراد حكام الكيان الصهيوني التحدث بلغة صريحة, من غير مواربة..فليتحدثوا عن هدنة, ربما ناقشنا معهم الأمر, بشكل هادئ شروط الهدنة..ومدتها وقوانينها .
وبذا نستريح في المؤقت الطموح مؤقتا فلا يضحكوا علينا في ظروف و عواصف و عواصم قاهرة !

أسئلة حزينة, تولد في زمان يريده البعض الرسمي المتخبط, أن يظل جامداً..خاملاً..مؤجلا, فلا تنهض الأمة من سباتها !
لكن أجوبة الحصى والجمر وصقور و فرسان المقاومة و المواجهة بفلسطين و العراق, مع صمود سوريا ولبنان وكل العرب الأحرار, تستعد للحرية والخلاص, وهي كما كانت دائما في كل الوثبات والنضالات المباركة والإنتفاضات العظيمة ,على أهبة الوصول للأجوبة العزيزة , الصحيحة,مؤكدة النتائج, واضحة السواحل والأنهار .

ان من يريد السلام سلمياً..إنسانيا,ليس شارونيا, إستسلاميا, يذهب الى دروب الوضوح الجماهيري, بكامل و عيه و خيله و رماحه, فلا يقع في بئر الإنسحاب الصهيوني الجاف .
فهل ينسحب صانعوا الخيبات والمواجع والأزمات من عرب النظام الخانع من شرنقة عجزهم وخوفهم من الحاقدين على كل فعل عربي مقاوم رشيد, تجترحه البطولات في فلسطين و العراق, فلا يراهنوا على الباطل الشاروني في حيل إنسحابه الذي لا يعترف حتى بوجود شريك فلسطيني , فيكفون عن التدخل, على قاعدة التساوق مع ألاعيب شارون المدعومة أمريكياً, في مصير الفلسطينيين ومستقبلهم و إستقلالهم الكامل .

سليمان نزال
12:27 23.06.04