أعودُ إلى جمري نشيطاً..
شـعر : سـليـمان نــزال

سـليمان نـزال

خاصمتكِ,
وأخذتُ أرثي بحبر ِ الرحيل
تبعثر عناقيدي و سفر الرحيل
يدي على كتفِ الهتافِ الخجول
إستندتْ, نزفتْ, ثم صرختْ :
لمً هذه الأحزان تطول و تطول

خاصمتكِ أنا,
و رحتُ أحصي للمنفى الحزينِ
مزايا إبتعادي و خصامي..
حين إمتنعَ ضياءُ الفوز العظيم
-لبعض الوقت-
عن دمي و حسامي..
و أخذتُ امزجُ عتابَ التداعي
بزفراتِ مواجعي و ضجيج إندفاعي
بإصواتٍ من نرجس و برتقال
جاءت بهذا الشتات الطويل

إلتصقتْ بجدار ذاكرتي و شموعي
صارت مثل نقوشٍ
يحفرها القهرُ فوقَ ذراعي
و أقولُ: خاصمتكِ
يا ميناء جرحي.. و سفينة أوجاعي

خاصمتكِ أنا,
بتناقضات وريدي..بضجيج إندفاعي
بإسئلةِ الصقيع المر..
بهذا الريح لا تسعف لي شراعي..

خاصمتكِ أنا,
و إنتميتُ لساعاتٍ من عوسجٍ و تردد
لطيفٍ من ذهول و ثلوج و غياب
و كانت أكبر من الأرض
و من إحتمالي
صرخات المسافات في دموعي..
لمّأ سقطتْ من عيني حيرتي
و أخذتْ تفتشُ أمامي عن ضياعي..
و تمزجُ التذكارَ المقيم
مع تموجات قمحكِ مع ضلوعي

خاصمتكِ أنا,
حين إيتعدتْ عن الأرجوان خيولي
لحظة من شكٍ و عوسجٍ و إرتياب
و أغضبتكِ,
حين قرأتُ لمدنِ الفحيحِ و الذئاب
فاصلاً من اللومِ الرمادي..
كان يسردُ , مثقلاً بالصمتِ و الهروب,
خصلةً من رسائل إسمك
من إستغاثاتِ اللوز و نداءات التراب
كيف يُستغاث بالرملِ و الأنياب..

خاصمتكِ,
لا ..لا
علمتُ أن الريحَ الدخيلة
تغزو جسدي الأخير بالحراب
و ليست تعادي سوى شعبي
و إنتظاري بلهفتي للضوء و الإياب..
دنوتُ منكِ يا أمي..
و دخلتُ من نظراتِ عينيكِ للمحراب
كي تصفحينَ عن جرحٍ
رمى, هماً و سهواً
بعضَ القطرات, يوماً, إلى السراب..

رأيتُ يدكَ تصفح عن يدي..
و أنا أدركُ بوثبتي مستقبل العناوين
و أبصرُ أيامَ المنتفضتين
تصفعُ الغزاةَ المجرمين..
تفتحُ لندى عودتي و نسوري الأبواب..
أبواباً من الأشواقِ و الرياحين..
آفاقاً تنقذُ أصابعي
من ضباب الأسفار و البعدِ الهجين..
من هجراتِ القسر
تكسرُ رمحي
أحيانا,
تبعده عن دمه في الميادين..
لكني أعودُ بعد حين..

أغضبك لا..
أنساك لا..
أعودُ إلى جمري نشيطاً
ألوي خصرَ الشفقِ على مهلي
و على مهل إنتمائي
أروي فسائلِ الروح و الرجوع
من غيث التلاقي و التجلي
أعودُ إلى جرحي نشيطاً
ألقي التحية على حقلي..
أعود لينابيعي عزيزاً..

أسقي بساتبني..
أحمي بيادر أهلي..
يا فجر البحر و الحلم بفلسطين
أبعدْ الرمادَ عن نبضي..
عن جهات الرمي
ما بين قوسي و نبلي..
لأهتدي إلى أيامي..
و أعرفُ كيف إلى دمي
, أضمكِ و أذيبُ إنتظاري في العِنَّاب..
و أرى للنصر المبين
يصنعُ للعائدين
من زهورِ البلاد..
من كروم البهاءِ الرحيقَ و الشراب..
و أنا أعودُ تمرداً..تجدداً..
للفجر..للرياحين

أعودُ أجيالاً..جذوراً..ملاحمَ إنتساب
و لي ذكريات تحضن ذراعين
للمسافات الجريحة..
لي بدايات يداهمها الشروق..
يأتي بها قمراً قمراً أجمل الأحباب..
لي بدايات تسألُ الوله المزنر بالحنين
عن أحلامٍ مع الصقور..
صارت تنتفض و تثور..
من غزةَ إلى جنين...
إستقلالاً, عودة, حرية,منارات إقتراب..

خاصمتكِ أنا..
لا .. لا..
أنا خاصمتُ الذلَ و من خانَ في الأعراب
هل أخاصمُ روحاً فدائية..لا
هل أخاصمُ الجموحَ بنابلس الأبية..
هل أخاصم الخليل..رفح.. الجليل
هل أخاصم القدس و يافا و حيفا
و رام الله و بيت لحم وعيون المجدلية.
لا.. لا..
أنا لا أخاصمُ وثبةً من البحرِ إلى النهر
لكني أخاصم هذا العصر..
و أصادقُ هبّةً من باسلٍ
توغلُ في أريجِ التكوين..
تطلق بشارات .. و مواعيدَ و طيوبا..
أنا لا أُغضبُ قرنفلة يلقي بها صقرُ
على عاشقةٍ من فضاءِ رؤيته الرحيبة..
كيف أخاصمُ الزنودَ التي ينبلج الصبح
عن رشقاتها إذ تضيء الدروبا..
خاصمتُ عدوكِ أنا..
قاتلتُ عدوك..
حاربتُ غزاتكِ..يندحرون إنسحابا..
و أخذتً أكتبُ بحبرِ التلاقي.
عن نصركِ الذي أراه قر يبا..
أراه قريباً. و نحنُ نراه قريبا..

سليمان نزال

تاريخ النشر : 20:51 19.08.04