وواضح أن مثقال كان يتحرك في نشاطه هذا في إطار التحالف السياسي الذي رسمه لنفسه، ولشيوخ عشائر شرقي الأردن مع مصالح وأهداف الحركة الصهيونية. وقد عبَّر بوضوح عن ذلك أثناء زيارته لبيت يتسحاك بن تسفي يوم
حيث التقى بهذا الأخير وبراحيل ينائيت وأهرون كوهين. ويقول كوهين في تقريره عن تلك الزيارة أن بن تسفي رحب بمثقال وأكد على أهمية "آرائه المتنورة" ونشاطه من أجل تغيير الرأي العام الشرق أردني بالنسبة لإمكانيات "التعاون العربي اليهودي" في المستقبل .. فشكره مثقال "وعبر عن سروره لمقابلة السيدة ينائيت وعن رغبته في تسجيل قطعة أرض على اسمها في طابو شرقي الأردن لكي تتمكن من إجراء تجاربها الزراعية هناك" .
غير أن هذه الأخيرة طالبته بأن ينشط أكثر من أجل دخول اليهود إلى شرقي الأردن. فردّ مثقال قائلاً :
إن أكثرية أهالي شرقي الأردن يرحبون بالصهيونية التي أخذ اسمها يدخل في قلوبهم وذلك عدا قلة قليلة من "مثيري الشغب والكراهية"».
كما عبَّر عن استيائه من كون الوكالة اليهودية غير متحمسة بما فيه الكفاية للقيام بمزيد من النشاط في شرقي الأردن وعن استغرابه لقيامها بشراء دونم أرض واحد في منطقة يافا يزيد ثمنه على ثمن مائة دونم من أراضي شرقي الأردن. وفي النهاية أثار مثقال الموضوع الذي كانت تنتهي به جميع لقاءاته بالزعامة الصهيونية .
فقال، إن على الوكالة اليهودية أن تقوم من جانبها بنشاط إعلامي أكبر في شرقي الأردن كإقامة المؤتمرات وتنظيم الحملة الدعائية عن طريق الصحف. ومع شكره للوكالة على مساعدته على عقد مؤتمر الشيوخ فقد أدخله الإعداد لعقد ذلك المؤتمر في دين بمبلغ 60 ليرة يتوقع من بن تسفي أن يساعده على سداده . **
والحقيقة أن نشاط رجالات الوكالة واتصالهم بشيوخ وزعماء شرقي الأردن لم يقتصر على مثقال على الرغم من أن الأخير احتل مكاناً مركزياً من تحركهم. وملخص التقرير التالي لأهرون كوهين عن زيارته لعمَّان في الفترة بين
13-19/12/1933 م يدلنا على مدى الخطورة التي وصل إليها ذلك التحرك في تلك الفترة وذلك على مستوى تعدد الاتصالات التي كانت له هناك وتنُّوع المواضيع التي تناولتها تلك الاتصالات :
قابلت وزير الآثار هاشم بك خير صهر مثقال باشا وعرضت عليه أن تشترك حكومة شرقي الأردن في معرض الشرق في تل أبيب .
استحسن الفكرة وقال بأنه سيطرحها على مجلس الوزراء.
ثم قابلت مثقال باشا الفايز الذي قال: «ستجري انتخابات المجلس التشريعي بعد شهرين أو ثلاثة، ويجب السعي لضمان انتخاب أناس يحسنون المحافظة على المصالح التي تعمل الدائرة السياسية (للوكالة اليهودية) من أجلها ولا يعمقون العداوة لليهود وسيكلفنا ذلك
1000 ليرة على الأقل لكي نستطيع التصِّدي لقائمة "الاستقلاليين" الذين يسعون لتقوية مركزهم في المجلس التشريعي"
وقابلت سعيد باشا أبو جابر - زعيم الطائفة المسيحية في السلط وممثليها في المجلس التشريعي الذي يؤيد دخولنا إلى الأردن ويدعونا إلى الإسراع في ذلك .
وقابلت كذلك عودة بك القسوس - مسيحي من عمَّان وعضو بارز في حزب "الاستقلال". قال لي بأننا لم نحز على ثقة الفلسطينيين خلال الخمس عشرة سنة الماضية لذلك فلا يستطيع الشرق أردنيون أن يؤيدوا دخولنا إلى شرقي الأردن. فنحن لا نقبل العمال العرب ولا نسعى لإقامة شراكة اقتصادية مع العرب، بل نطمح إلى السيطرة على البلاد وإفقارهم. حاولت إقناعه بأن ذلك غير صحيح .
ثم قابلت عبد السلام بك كمال - سكرتير الأمير الخاص الذي حذَّرنا من محاولة شراء بعض زعماء شرقي الأردن لأنهم سينقلبون إلى أعداء لنا في حالة توقفنا عن دفع الأموال لهم .
وقابلت أيضاً شبلي بركات، التاجر من السلط، الذي قال لي بأن الأقلية المسيحية تؤيد دخولنا إلى شرقي الأردن، غير أنها لن تكون أول من يطالب بذلك .
وقابلت توفيق بك النجداوي الرئيس السابق لديوان الأمير ومن سيصبح حاكم لواء عجلون. وقد احتج على كوننا لا نسعى بما فيه الكفاية من أجل الدخول إلى شرقي الأردن، وعبر عن رأيه في أن مثل هذا الدخول يجب أن يتمَّ بشكل رسمي عن طريق الوكالة وليس عن طريق أفراد أو سماسرة ذوي مصالح شخصية .
وبطريق الصدفة قابلت يوم
15/12/1933 م سعيد بك حلاوة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وممن كانت له يد في الاعتداء الذي تعرضت له في عمَّان في شهر تموز الماضي .
وعلى الرغم من أنه اعتذر لي عن ذلك فقد حذر من سعينا إلى التوصل إلى اتفاقية مع الحكومة الحالية لأنها ضعيفة ولأن الانتخابات المقبلة ستثبت أن حزب الاستقلال أقوى مما نظن .
وقابلت أيضاً ناجي أبو نوار :
"من مواليد عمان، عمره
30 عاماً صهر حسين باشا الطراونة رئيس اللجنة التنفيذية للاستقلال ومراسل صحيفتي ‹فلسطين› و‹الجامعة الإسلامية›. أرسل يسأله إذا كنت مستعداً لمقابلته فوافقت .
أخبرني أن حسين باشا يود مقابلتي غير أنه يخشى انتشار الأمر. سألني عن رأي فاقترحت عليه عدة إمكانيات لعقد المقابلة .. ذهب إلى حسين باشا ثم عاد فقال إن الباشا قد قرر ألاَّ يلتقي بي هنا وأنه سيبحث عن مناسبة أخرى للالتقاء بي في أريحا أو القدس. وحالياً طلب إليه أن يخبرني بأنه يود عقد حلف صداقة معنا .
وتذمر من الأسلوب القاسي الذي انتهجناه معه .. ففي فترة زيارة الملك فيصل لعمَّان. وفي حين قام الاستقلاليون بالتحريض ضدنا وضد أصدقائنا سمحنا لمثقال بنشر رسالة م. شرتوك إليه حيث ورد ذكر سعي حسين باشا التقرب إلى اليهود وذكر علاقته بأبراهام شابيرا. أمَّا الآن فيطلب حسين باشا أن ندخل معه في هدنة متبادلة. ويعلمنا من ناحيته بأنه وضع مخططاً يلتزم بموجبه بالامتناع تدريجياً عن القيام بأي نشاط وبعدم التوقيع على البيانات التي تصدرها اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ضدنا. كما يعدنا بالتواني عن حضور الاجتماعات العامة بحجج مختلفة لكي يضطرها لانتخاب شخص آخر بدلاً عنه. ويعدنا بالتأكد من صدق كلامه خلال الأشهر القادمة. ومقابل هذه التضحيات فإنه يطلب غلينا مساعدته على الخروج من الديون التي تراكمت عليه بسبب مصاريف نشاطه في حزب "الاستقلال"» .
ثم قابلت خليل نصر محرر صحيفة الأردن، لبناني الأصل، عمره حوالي
40 سنة .
وبعد نقاش طويل وافق على دعم قضيتنا مقابل دعمنا له بمبلغ بسيط من المال .**
** ص 20 أ. ص. م. ملف س. 25/6313 بالعبرية. التقرير موقع بتاريخ 24/12/1933 م
بالإضافة إلى هذا التقرير هنالك "قائمة بأسماء الشخصيات الشرق أردنية التي كانت للدائرة السياسية (في الوكالة اليهودية) اتصال معها بين أيلول
1933 م وآذار
1934 م " .
وهذه الشخصيات هي :
الأمير عبد الله
سمير بك الرفاعي - سكرتير حكومة شرقي الأردن
عودة بك القسوس - وزير العدلية
هاشم بك خير - وزير الآثار
مثقال باشا الفايز - زعيم بني صخر
رفيفان باشا المجالي - عضو المجلس التشريعي
متري باشا زريقات - من زعماء المسيحيين في الكرك وعضو المجلس التشريعي
حسين باشا الطراونة - زعيم حزب الاستقلال في شرقي الأردن وعضو المجلس التشريعي
راشد باشا الخزاعي - زعيم لواء عجلون
زعل بك المجالي - من شيوخ عشيرة المجالي
محمد بك الأسد - حاكم لواء العقبة
سلطي باشا بشارات - من زعماء المسيحيين في السلط
سالم محمود - من رؤساء البوليس السري في عمَّان
ناجي أبو نوار - مراسل صحيفة "الجامعة الإسلامية" في عمَّان
سلامة شريحات - من زعماء المسيحيين في السلط
سعيد باشا أبو جابر - عضو المجلس التشريعي
عبد السلام بك كمال - من أمناء قصر الأمير
محمد بك المحيسن - رئيس ديوان الأمير
محمد بك الأنسي - مستشار الأمير
دليوان بك المجالي - رئيس بلدية الكرك
أحمد صدقي بك - قائد شرطة عمَّان
نظمي بك عبد الهادي - محام وسكرتير حزب "الشعب"
توفيق النجداوي - من زعماء حزب "الشعب"
شمس الدين بك سامي - من زعماء الطائفة الشركسية
بهجت الصليبي - أحد موظفي ديوان الأمير سابقاً
عطا الله المجالي - من وجهاء عشيرة المجالي
شبلي بشارات - من زعماء المسيحيين في السلط
سعيد بك حلاوة - من زعماء حزب "الاستقلال" في عمَّان سليمان سطاوي - من زعماء المسيحيين في عمَّان **
** أعدّ القائمة أهرون كوهين رئيس القسم العربي في الدائرة السياسية يوم 20/3/1934 م أ. ص. م. ملف س. 25/3515 بالعبرية
أمَّا ماير حسيدوف سمسار الأراضي المذكور فقد أعدّ قائمة من عنده "بأسماء ملاكي قرى شرقي الأردن المتفقين على تدخيل شركات أجنبية بإرادة كل من الأشخاص المحررين ذيله". وعلى الرغم من أن هذه القائمة لا تحمل تاريخ كتابتها فإننا نميل إلى الاعتقاد أنها قُدِّمت إلى الدائرة السياسية في غضون سنة (1933 م) التي وصل فيها نشاط حسيدوف في مجال السمسرة لشراء الأراضي إلى ذروته. وترد فيها الأسماء والألقاب التالية :
مثقال باشا الفايز - شيخ مشايخ
رفيفان المجالي - عضو المجلس التشريعي
حديثة الخربشة - عضو المجلس التشريعي
حمد بن جازي - عضو المجلس التشريعي
سعيد أبو جابر - عضو المجلس التشريعي
عبد العزيز أبو أبريك
فضيل الشهوان
متري زريقات - عضو المجلس التشريعي
إسماعيل بن سالم الفياض - من مشايخ السلط
حنا بن فرج - من أهالي مأدبا
سلطان باشا العدوان - شيخ مشايخ البلقاء
شاهر بن حديد - من مشايخ البلقاء
راشد باشا الخزاعي - من مشايخ جبل عجلون **
** أ. ص. م. ملف س. 25/3491 بالعربية