سعى مثقال إلى تجديد اتصاله بالوكالة عن طريق وسطاء عرب وحتى عن طريق بعض رجال الأعمال الصهاينة. وأحد هؤلاء كان أ. كمحي الذي كتب إليه أهرون كوهين الرسالة التالية بخصوص العلاقة مع مثقال يوم
طلب إلي السيد م. شرتوك الرد على كتابك إلينا يوم
الشهر الجاري .
انقطعت العلاقات بيننا وبين صديقك مثقال قبل حوالي سنتين. لقد توجه عندها إلى المفتي وإلى البنك العربي في القدس. وهؤلاء ساعدوه، بعد خيانته لنا، على شك الكومباين الذي تمتلكه اليوم. وقبل فترة غير طويلة حاول تجديد ارتباطاته بنا عن طريق وسطاء عرب .. هؤلاء أجابوه، حسب تعليماتنا، إن عليه التوجه إلينا بشكل مباشر. والظاهر أنه يجرب نصيبه الآن عن طريقك. لذلك فعليك أيضاً أن ترشده إلى الطريق السليم. واقترح أن تقول له بأن رسالتك حتى تصل "للخواجة موسى". بل إن أحد سكرتيريه كتب إليك يقول أن مثقال يعرف عنواننا جيداً وأنه إذا أراد منا معروفاً فإننا نحبذ تقديمه له إذا اتصل بنا مباشرة. بإمكانه، إذا أراد، الكتابة بشكل مباشر إلى "الخواجة موسى" أو، إذا شاء، فإلى السكرتير "الخواجة هارون". وإذا ادعى أنه نسي العنوان فباستطاعتك أن تقول له أن رقم صندوق بريدنا هو
ولا ندري بالضبط كيف ومتى تجدد تعاون مثقال مع الوكالة اليهودية والأمير، غير أنه من الواضح أنه ابتداء بتاريخ
1941 م فقد أصبح يشكل إحدى حلقات الوصل الرئيسية بينهم خاصة بالنسبة لمشروع الأمير حل القضية الفلسطينية عن طريق توحيد فلسطين وسورية وشرقي الأردن تحت سيطرته وضد "الوطن القومي اليهودي في فلسطين" كما سنرى. وما يدلنا على ذلك هو التقرير الذي كتبه إلياهو ساسون، الذي شغل تلك الفترة منصب رئيس القسم العربي في الوكالة اليهودية، بعنوان ‹محادثتان مع مثقال الفايز يوم
13/8/1941 م .
وخلاصة تقرير ساسون هي كالتالي :
خلال الأسابيع الثلاثة الماضية كانت لي محادثتان مع مثقال والأخيرة منهما تمت اليوم في فندق فرشافسكي بالقدس .
في المحادثة الأولى تحدث مثقال عن جولته الأخيرة في سورية وعن مدى النجاح الذي حققته دعايته من أجل توحيد فلسطين وشرقي الأردن وسورية تحت سيطرة الأمير. كما تحدث عن ذلك إلى المعتمد البريطاني في شرقي الأردن. ومن خلال نشاطه هذا توصل مثقال إلى نتيجة أن الأمير غير محبوب في سورية. غير أن حكم الديغوليين الحالي في سورية مؤقت، وستقع سورية في المستقبل حتماً ضمن منطقة النفوذ البريطاني. حالياً يظهر البريطانيون الحياد تجاه دعاية الأمير وتحركاته: هم لا يعارضونها ولا يدعمونها، وذلك على الرغم من كونهم يودون رؤية الأمير "الذي خدمهم طيلة الوقت بإخلاص وتفان" (كما قال مثقال) يحكم سورية .
كما تحدث مثقال عن اعتقاده بأن وحدة كهذه ستكون في صالح "الوطن القومي اليهودي في فلسطين" وخلال محادثاته مع الأمير شعر بأن الأخير متفهم لأهدافنا وعلى استعداد لدعمها. قلت له أننا نثق بالأمير جداً غير أننا لا نستطيع إعطائه رأينا في إعطائه رأينا في مشروعه حتى نعلم تماماً ماذا ستكون حقوقنا ضمن تلك الوحدة. وحتى الآن لم نستلم من الأمير أية إيضاحات مُفصَّلة حول مشروعه .
واليوم أخبرني مثقال في لقائي الثاني به بأنه تحدث إلى الأمير وأن هذا الأخير أخبره عن استعداده لإجراء مفاوضات رسمية معنا بخصوص مشروعه من أجل الوحدة، سيعود مثقال اليوم إلى شرقي الأردن ومن المحتمل أن يأتي في الأسبوع القادم بدعوة يوجهها الأمير إلى السيد شرتوك لزيارة عمَّان
**
** أ. ص. م ملف س. 25/3504 بالعبرية
سنتطرق إلى مشروع الأمير عند بحثنا لتطور موقفه من القضية الفلسطينية في أعقاب ثورة
1936-1939 م وتقرير اللجنة الملكية. أمَّا بالنسبة لمثقال فقد توثقت علاقته بالوكالة تدريجياً في هذه الفترة وعادت إلى سابق عهدها .
وكما كان في السابق فقد شكلت الهدايا والدعم المالي إحدى جوانب إعادة توثيق تلك العلاقة، الأمر الذي يظهر بوضوح من خلال الرسالة التي بعث بها أ. ش. إلى إلياهو ساسون يوم
14/12/1941 م يقول أ. ش :
ذهبت اليوم لمقابلة مثقال باشا وأخبرته بأنني ذهبت لرؤيته نيابة عنك وذلك لانشغالك بأمور الدائرة (السياسية) قبيل سفر السيد شرتوك إلى مصر. وقد امتنع عن الحديث في البداية مدعياً بأنك على علم مسبق بكل شيء. بعدها قال أنه لم يكن ليأتي إلينا لولا أنه وضع كل أمله فينا. طلبت إليه أن يوضح كلامه فبدأ بالحديث عن السيارة: لقد وعدنا بشراء سيارة جديدة له أو مساعدته بمبلغ معين من أجل شرائها. لذلك فقد باع سيارته القديمة وخرج صفر اليدين من الناحيتين. قلت له بأن من المؤسف أن السيد شرتوك موجود في مصر وأن ليس هناك من يستطيع البت في الأمر سواه. فأجاب بأنه لو كانت لديك رغبة أكيدة فإنك تستطيع ترتيب أمر من أجله. قلت له أنه سيكون من الصعب عليك ترتيب أمر من هذا النوع يتعلق بصرف عدة مئات من الليرات، وأنك لا تستطيع البت في الأمر عن رأيك فقط وإنني سأنقل لك كلامه على أي حال. فطلب ألي أن أخبرك بأنه على استعداد لتقديم أية مساعدة نطلبها منه وأن "الأيام بيننا" وأنه لو لم يعتبرنا أصدقاء له لما توجه إلينا أصلاً في هذا الموضوع
**
** أ. ص. م. ملف س. 25/2504 بالعبرية